للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث إسناده صحيح، صححه ابن خزيمة، كما ذكر الحافظ، ونقل الزيلعي عن ابن دقيق العيد أنه قال في «الإمام»: (هو جدير بأن يصحح) (١) وصححه أيضاً ابن الملقن (٢)، وقال النووي: (هذا حديث حسن، وإسناد جيد) (٣).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (إذا توضأتم) أي: شرعتم في الوضوء، فيدخل في ذلك ما في بداية الوضوء، كغسل الكفين فيبدأ باليمنى قبل اليسرى، وما في أثناء الوضوء من غسل اليدين والرجلين، لكن تقدم في كلام النووي أن غسل الكفين يكون دفعة واحدة.

قوله: (بميامنكم) جمع ميمنة، والمراد: اليمين، والميمنة ضد الميسرة، قال تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ *وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [الواقعة: ٨، ٩].

الوجه الثالث: مناسبة ذكر هذا الحديث بعد حديث عائشة المتقدم أنه يدل على البدء باليمين في الوضوء بصيغة الأمر، فهو من السنة القولية، وما تقدم من قبيل السنة الفعلية، لكنه قدم حديث عائشة رضي الله عنها، لكونه أصلاً في التيمن على سبيل العموم، ولأنه أقوى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وظاهر هذا الحديث وجوب البداءة باليمين قبل اليسار في غسل اليدين والرجلين، ويؤيد ذلك أن الأصل في الأمر الوجوب، ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم واظب على البدء باليمين في غسل يديه ورجليه، كما في حديث عثمان وعبد الله بن زيد وعلي، وغيرهم، رضي الله عنهم، وقوله وفعله صلّى الله عليه وسلّم يفسر قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} الآية.

وقد اختار القول بالوجوب الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ونسبه الرازي إلى أحمد (٤)، قال الزركشي: (وهو منكر) (٥)، ونقله الرافعي من


(١) "نصب الراية" (١/ ٣٤).
(٢) "البدر المنير" (٣/ ٤١٨).
(٣) "المجموع" (١/ ٣٨٢).
(٤) "تفسير الرازي" (١١/ ١٥٩).
(٥) "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (١/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>