للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشافعية عن أحمد أيضاً (١)، ولم أقف على ذلك فيما اطلعت عليه من كتب الحنابلة، لا سيما «المغني» و «الإنصاف»، بل قال ابن قدامة: (ولا يجب الترتيب بين اليمنى واليسرى، لا نعلم فيه خلافاً .. ) (٢).

وعلى هذا فالجمهور من أهل العلم على أن البداءة باليمين مستحبة، وقد بوّب ابن خزيمة (٣) على هذا الحديث بقوله: (باب الأمر بالتيامن في الوضوء أمر استحباب لا أمر إيجاب)، والأمر في هذا الحديث مصروف عن ظاهره وهو الوجوب إلى الندب، والصارف له الآية الكريمة: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} فإن الله تعالى أمر بغسل الأيدي والأرجل، ولم يذكر فيه تقديم اليمنى، وذلك يدل على أن الواجب غسل اليدين والرجلين بأي صفة كان.

والفقهاء يعدون اليدين عضواً، والرجلين عضواً، ولا يجب الترتيب في العضو الواحد.

ومما صرف الحديث - أيضاً - ما تقدم عن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعجبه التيمن .. الحديث، فهذا يدل على أن تقديم اليمنى في الطهارة إنما هو على سبيل الحب لذلك والسرور به، لا على سبيل الإيجاب والإلزام، ولو كان ذلك على سبيل الحتم لبيَّنته رضي الله عنها؛ لأنها فقيهة عالمة بهدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذكر التنعل والترجل مع الطهور دليل على أن الأمر موسع فيه.

وقد مضى أن الإجماع قد انعقد على أن البدء باليمين إنما هو على سبيل الندب، كما نقله النووي وابن قدامة، والله أعلم.


(١) "شرح الوجيز" (١/ ٤٢١).
(٢) "المغني" (١/ ١٩٠).
(٣) "صحيح ابن خزيمة" (١/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>