للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على رأي من يقول بصحة الحديث، كما تقدم، وهؤلاء طائفتان، طائفة قالوا بأن الحديث منسوخ، وهذا قول أبي داود، كما نص على ذلك في «سننه»، وقد يكون أخذ ذلك من كونه صلّى الله عليه وسلّم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر، ثم في آخر أمره قال: «خالفوهم»، فالنهي عن صومه يوافق الحالة الأولى، وصيامه يوافق الحالة الثانية، ذكر هذا الحافظ وقال: (لا يتبين وجه النسخ فيه) (١).

وطائفة أخرى قالوا: الحديث محكم غير منسوخ، وهو محمول على ما إذا أفرده بالصيام، فإن صام معه غيره جاز، وهذا قول الترمذي، وابن خزيمة، والبغوي، وعزاه ابن القيم إلى أكثر أصحاب الإمام أحمد (٢).

لكن يشكل على ذلك قوله: «إلا فيما افترض عليكم»، فإن هذا نص صريح على المنع من صيامه في غير الفريضة، فرداً كان أو مضافاً؛ لأنه لم يخصص إلا الفرض بالجواز، فيبقى ما عداه على المنع (٣)، ولو كانت صورة الإضافة غير منهي عنها لكان استثناؤها أولى من استثناء الفرض، فلما اقتصر على استثناء الفرض دل على عدم استثناء غيره.

فالذي يظهر أن الحديث لا يصح وأنه غير محفوظ؛ لأنه عارضه أحاديث أصح منه وأشهر، والعلم عند الله تعالى.


(١) "التلخيص" (٢/ ٢٢٩).
(٢) "تهذيب مختصر السنن" (٣/ ٢٩٨ - ٢٩٩).
(٣) انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم" (٢/ ٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>