للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعناه: أنه يدخل جهنم فتضيق عليه لتشديده على نفسه ورغبته عن سنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم واعتقاده أن غير سنته أفضلُ منها. وهذا وعيد شديد يدل على أن صيام الدهر حرام. وقيل: إنه لا يدخل جهنم، بل تضيق عليه من أجل صومه؛ لأن الصيام جنة (١).

والقول الثاني: جواز صيام الدهر، وهذا قول ابن المنذر، وطائفة، واستدلوا بما رُوي أن جماعة من الصحابة والتابعين سردوا الصوم، منهم: عائشة، وأبو طلحة، وعبد الله بن عمر، وأبو أمامة وامرأته، وغيرهم رضي الله عنهم.

وتأولوا أحاديث النهي عن صيام الدهر بأن المراد من صامه مع الأيام المنهي عنها من العيدين وأيام التشريق.

والقول الثالث: أنه يستحب صيام الدهر لمن قوي عليه ولم يفوت فيه حقًّا. وعزاه ابن حجر إلى الجمهور (٢).

واستدلوا بحديث حمزة بن عمرو السلمي الذي مضى، فإن في بعض ألفاظه عند مسلم: (أنه قال: يا رسول الله، إني أسرد الصوم).

ووجه الدلالة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم ينه حمزة بن عمرو عن سرد الصوم، ولو كان غير جائز لبيَّنه له؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

كما استدلوا بحديث أبي قتادة: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شوَّال، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْر»، قالوا: فدل على أن صوم الدهر أفضل مما شُبه به، وأنه أمر مطلوب.

والأظهر - والله أعلم - كراهة صوم الدهر، وهذا أقل ما يقال فيه، وهذا هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، لما يلي:

١ - أن صيام الدهر مخالف لهدي النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث اختار لنفسه من قدر العبادة غير القدر الذي سار عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث كان يصوم ويفطر، وقال: «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».


(١) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٢٢٢ - ٢٢٣).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٢٢٢).
(٣) "الفتاوى" (٢٢/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>