للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - أن النبي صلّى الله عليه وسلّم جعل أفضل الصيام صيام داود - عليه الصلاة والسلام ـ، وقال لعبد الله بن عمرو: «صُم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام، وهو أفضل الصيام»، فدل على أن صيام الدهر ليس هو أفضل الصيام.

٣ - أن قوله: «لا صام من صام الأبد»، فيه تغليظ وإخبار يمنع من صيام الدهر؛ لأنه إما دعاء وإما إخبار، قال ابن العربي: (قوله: «لا صام من صام الأبد» إن كان معناه الدعاء فيا ويح من أصابه دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ وإن كان معناه الخبر، فيا ويح من أخبر عنه النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه لم يصم، وإذا لم يصم شرعاً لم يكتب له الثواب، لوجوب صدق قوله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه نفى عنه الصوم، وقد نفى عنه الفضل، كما تقدم، فكيف يطلب الفضل فيما نفاه النبي صلّى الله عليه وسلّم؟!) (١).

٤ - أن المنع من صيام الدهر يتفق مع منهج الإسلام في ضرورة الاعتدال بين حق الله تعالى وحظ النفس، كما يتفق مع منهجه العام في التيسير على المكلفين والرفق بهم، ولهذا قال سلمان رضي الله عنه لأبي الدرداء رضي الله عنه: (إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه). فذكر أبو الدرداء ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «صدق سلمان» (٢).

وأما ما ورد عن بعض السلف أنهم صاموا الدهر، فهذا اجتهاد منهم نرجو ألا يحرموا أجر اجتهادهم إن شاء الله، وإلا فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنكر على عبد الله بن عمرو ذلك.

وأما الاستدلال بحديث حمزة بن عمرو وأنه كان يسرد الصيام، فأجيب عنه بوجهين:

١ - أن سؤال حمزة بن عمرو إنما كان عن الصوم في السفر لا عن صوم الدهر.


(١) انظر: "عارضة الأحوذي" (٣/ ٢٩٩)، "فتح الباري" (٤/ ٢٢٢).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>