للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قول مَنْ دون عائشة … ). وبهذا جزم - أيضاً - الدارقطني كما في «السنن» (٢/ ٢٠١) (١).

الوجه الثاني: الحديث دليل على أنه ليس للمعتكف أن يعود مريضاً أو يشهد جنازة في غير المسجد الذي هو معتكف فيه، بل يلزم مكانه حتى يتفرغ للعبادة، ولكن تقدم أن هذا الأثر فيه مقال، فلا يقوى الاستدلال به على منع المعتكف من الخروج لعيادة المريض أو شهود الجنازة، وقيد الفقهاء ذلك بمن له عليه حق كالوالدين أو القريب؛ لأن ذلك من باب صلة الرحم، أو عالم له أثر بارز في نفع المسلمين، فمثل هؤلاء يعاد مريضهم، وتشهد جنائزهم، أما عيادة كل مريض، أو شهود كل جنازة فهذا يؤثر على الاعتكاف، كما تقدم.

فإن اشترط في ابتداء اعتكافه الخروج لأمر عارض، مثل: عيادة المريض، أو شهود الجنازة، أو حضور مجلس علم، أو نحو ذلك، فللعلماء في ذلك قولان:

الأول: جواز الاشتراط. وهذا مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة، وبه قال جماعة من السلف (٢).

واستدلوا بحديث ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها في موضوع الاشتراط في الحج، فقد قال لها النبي صلّى الله عليه وسلّم: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي» (٣).

ووجه الدلالة: أنه إذا كان الشرط يؤثر في الإحرام، وهو ألزم العبادات بالشروع فيه، فالاعتكاف من باب أولى.

والقول الثاني: أنه لا يجوز الاشتراط. وهذا مذهب المالكية، وقد نص على ذلك الإمام مالك فقال: (لم أسمع أحداً من أهل العلم يذكر في الاعتكاف شرطاً، وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال مثل الصلاة والصيام


(١) انظر: "العلل" للدارقطني (١٥/ ١٦٧).
(٢) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (٤/ ٣٥٥)، وابن أبي شيبة (٣/ ٨٩)، "مغني المحتاج" (١/ ٤٥٧)، "الإنصاف" (٣/ ٣٧٦).
(٣) أخرجه البخاري (٥٠٨٩)، ومسلم (١٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>