للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هو حديث مستفيض، متلقى بالقبول، أجمع أهل العلم على صحته، وتلقيه بالقبول والتصديق) (١).

وهذا الحديث من الأحاديث القليلة التي كررها الحافظ في «البلوغ»، فقد أعاده مرة أخرى ضمن أحاديث النذور، ولعله ذكره في الاعتكاف لبيان أن الاعتكاف في المساجد الثلاثة مشروع لمن أراده، ولو لزم من ذلك شدُّ الرحال، لأن الرحال تشدُّ إليها، والله أعلم.

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (لا تُشدُّ) بضم الدال على أن (لا) نافية، وهذا لفظ البخاري، وعند مسلم بلفظ النهي - كما تقدم ـ، والنفي أبلغ من النهي، ونكتة العدول عنه إلى النفي حمل السامع على الترك.

قوله: (الرحال) جمع رحل، وهو سرج البعير الذي يركب عليه؛ لأن من أراد سفراً شدَّ رحله ليركبه ويسير، فكنَّى بشد الرحال عن السفر؛ لأنه لازِمَهُ، وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر وإلا فلا فرق في المعنى المذكور بين ركوب الرواحل أو الخيل أو السيارة، وغير ذلك. ويدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إِنَّمَا يُسَافَرُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ إِيليَاءَ» (٢).

قوله: (إلا إلى ثلاثة مساجد) هذا استثناء مفرغ؛ لأن المستثنى منه محذوف؛ أي: لا تشد الرحال إلى مسجد أو إلى موضع، إلا إلى ثلاثة مساجد، والثاني أعم.

قوله: (المسجد الحرام) بالجر على البدلية، وبالرفع خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هي المسجد الحرام … والحرام بمعنى: المحرم؛ كالكتاب بمعنى المكتوب.

قوله: (ومسجدي هذا) اسم الإشارة للتعظيم، أو لإفادة أن الأحكام متعلقة بالمسجد النبوي دون غيره من مساجد المدينة، فتكون للتوكيد.


(١) "الفتاوى" (٢٧/ ٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>