للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (والمسجد الأقصى) أي: بيت المقدس، سمي الأقصى لبعده عن المسجد الحرام في المسافة، واقتصر عليه النووي (١)، أو لأنه لم يكن وراءه مسجد، وهذا ذكره الزمخشري (٢).

الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم السفر لأي بقعة تقصد لذاتها بقصد التعبد فيها لاعتقاد فضلها، إلا هذه المساجد الثلاثة، وإنما خصت بذلك لما لها من الخصائص التي ليست لغيرها، ومن ذلك مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وفي المسجد النبوي بألف صلاة، وفي بيت المقدس بخمسمائة صلاة، على أن حديث التضعيف في بيت المقدس ضعيف (٣).

ومنها: أن هذه المساجد الثلاثة بناها أنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ومنها: أن المكي قبلة الناس، والمدني أُسِّسَ على التقوى، والأقصى قبلة الأنبياء السابقين، وفي المكي عبادة لا توجد في مكان آخر، وهي الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة (٤).

أما السفر للتجارة، وطلب العلم، وزيارة القريب أو الأخ في الله، فهذا جائز، ولا يدخل في هذا النهي باتفاق العلماء؛ لأمرين:

الأول: أن المسافر في هذه الحالات وما شابهها لم يقصد المكان لذاته بل المراد ذلك المطلوب حيثما كان، ولو كان في غير هذا المكان لذهب إليه.

الثاني: أنه ورد أدلة تدل على جواز ذلك، فهي مخصصة لعموم هذا الحديث؛ كقوله تعالى: {يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ} [المزمل: ٢٠] وكحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى … الحديث (٥).


(١) "تهذيب الأسماء واللغات" (٤/ ١٥٠).
(٢) "الكشاف" (٢/ ٣٥١).
(٣) انظر: "الإرواء" (٤/ ٣٤٢)، و"تمام المنة" ص (٢٩٢).
(٤) انظر: "مختصر الفتاوى المصرية" ص (٢٧١).
(٥) أخرجه مسلم (٢٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>