للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العلم؛ بل نقل ابن المنذر وابن عبد البر وغيرهما الإجماع على ذلك (١).

القول الثاني: أن الصبي إذا حج قبل بلوغه أجزأته عن حجة الإسلام، حكى ذلك الطحاوي عن قوم، ووصفه القاضي عياض بالشذوذ (٢)، واحتجوا بهذا الحديث.

والصحيح قول الجمهور، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: «أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى» ورفعه فيه نظر.

وقد جاء موقوفاً من كلام ابن عباس، ولفظه: (احفظوا عني، ولا تقولوا: قال ابن عباس، أيما عبد … ) الحديث، وهذا له حكم الرفع، وسنده صحيح، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله.

وأما حديث الباب فليس فيه دليل على أن حج الصبي يجزئه عن حجة الإسلام؛ لأن الحديث دل على أن له حجّاً ليس إلا، ولم يتعرض لكونها تجزئه، كما أن له صلاة وليست بفريضة عليه، فالحديث رد على من زعم أنه لا حج للصبي، وليس بدليل على أنها تجزئه عن الفريضة (٣).

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن الإنسان إذا طاف ومعه آخر يحمله كطفل مُحْرِمٍ، أنه يقع الطواف عن الحامل والمحمول، ولا يلزم الحامل أن يطوف لنفسه طوافاً مستقلاً، ووجه الدلالة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبر هذه المرأة بصحة حج الصبي، ولم يأمرها أن تطوف به طوافاً مستقلاً، مع أن المقام مقام بيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهذا اختيار ابن سعدي، وقول ابن باز.

وذهب بعض العلماء إلى أن الصبي إذا كان غير مميز فلا بد لوليه أن يطوف عن نفسه، ثم يطوف بالصبي، أو يسلمه إلى ثقة يطوف به؛ لأن الصبي لم يحصل منه نية ولا عمل، وإنما النية من حامله، ولا يصح عمل واحد


(١) "الإجماع" لابن المنذر ص (٦٨)، "الاستذكار" (١٣/ ٣٣١).
(٢) "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٤/ ٤٤٢).
(٣) انظر: "شرح معاني الآثار" (٢/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>