للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالرسول صلّى الله عليه وسلّم شبّه الحمو بالموت؛ لأن الخوف منه أكثر، والشر منه أقرب، لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير أن ينكر عليه، بخلاف الأجنبي.

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا لا يبيتنَّ رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحاً أو ذا محرم» (١). وذِكْرُ الثيب خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له؛ لأنه خص الثيب لكونها التي يُدخل إليها غالباً، وأما البكر فمصونة ممتنعة عن الرجال، فلم يحتج إلى ذكرها، ولأنه من باب التنبيه؛ لأنه إذا نهي عن الثيب التي يتساهل الناس في الدخول عليها في العادة فالبكر أولى.

والمقصود أن الإسلام يحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية؛ لأن ذلك من أعظم ذرائع الفتنة، وأسباب الفساد، فإن النفوس ضعيفة، والدوافع قوية، والرجل إذا خلا بأجنبية وليس ثَمَّ مانع، فإن الشيطان له دور فعال في تزيين الجريمة وتحبيب الفاحشة، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « … ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان» (٢).

الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم سفر المرأة مع غير ذي محرم ولو كان سفر عبادة كالحج، وهذا يدل على أنه لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجد لها محرم، فإن لم يوجد لم يجب عليها الحج؛ لأنها غير مستطيعة، والله تعالى يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: ٩٧] قال الإمام أحمد: (المحرم من السبيل) (٣).

والمحرم: هو زوجها، أو من تحرم عليه على الأبد بنسب كالابن وإن نزل، والأب وإن علا، والأخ مطلقاً، والعم مطلقاً، والخال مطلقاً، وابن الأخ، وابن الأخت، أو بسبب مباح وهو الرضاع، كابنها من الرضاع


(١) أخرجه مسلم (٢١٧١)، وسيأتي شرحه -إن شاء الله- في آخر باب (العدة).
(٢) أخرجه الترمذي (٢١٦٥)، وأحمد (١/ ٢٦٨) من حديث عمر -رضي الله عنه-، وهو حديث صحيح ["الصحيحة" (٤٣١)].
(٣) "المغني" (٥/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>