وأخيها من الرضاع، والمصاهرة؛ كزوج أمها، ولا يكون محرماً إلا بالدخول بالأم، وزوج ابنتها وإن نزل، وأبو زوجها وإن علا بمجرد العقد، وابن زوجها، ويكون مَحْرماً بمجرد العقد.
ولا بد في المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً؛ لأن الغرض منه حفظ المرأة، وهذا لا يتم إلا بالبلوغ والعقل.
الوجه الرابع: حديث الباب جاء مطلقاً في قليل السفر وكثيره؛ لقوله:«ولا تسافر إلا مع ذي محرم»، وقد وردت أحاديث مقيدة لهذا الإطلاق، إلا أنها اختلفت ألفاظها، ففي لفظ:«ثلاثة أيام»، وفي لفظ:«مسيرة يوم وليلة»، وفي لفظ:«مسيرة يوم»، وفي لفظ:«مسيرة يومين»، وفي لفظ:«أكثر من ثلاث … ».
والجواب ما ذكره المحققون من أهل العلم من أنه ليس المراد من التحديد ظاهره؛ بل كل ما يسمّى سفراً فالمرأة منهية عنه إلا بمحرم، سواء كان بالسيارة أو بالطائرة أو بغير ذلك، وسواء أكانت شابة أم عجوزاً، وسواء أكان برفقتها نساء أم لا، وسواء أكان السفر للحج أم لغيره. وإنما وقع التحديد عن أمر واقع، لاختلاف السائلين، فلا يعمل بمفهومه؛ بل يؤخذ باللفظ المطلق، لأمور ثلاثة:
الأول: أن الأخذ به أحوط.
الثاني: أن دلالة المقيد كيومين - مثلاً - على جواز ما لم يدخل تحته كيوم دلالة مفهوم، ودلالة المطلق عليه دلالة منطوق، ودلالة المنطوق أولى.
الثالث: أن اختلاف التقييد في المقيد دليل على عدم اعتبار القيد.
الوجه الخامس: اشتراط المحرم في سفر المرأة دليل واضح على كمال هذه الشريعة وحرصها على صون الأعراض، ومنع الفساد، والمرأة ضعيفة الدين، ناقصة العقل، لينة العاطفة، قريبة الانخداع، يسهل التأثير عليها واللعب بعقلها، وللمسافر نفسية تقتضيها حال السفر، فقد يوجد في السفر أناس لا يترفعون عن الفاحشة لا سيما مع عدم الرقيب، وضعف الإيمان، والمرأة مظنة الطمع، وقد تتعرض لما يفسد خلقها، ويمس عرضها، فمن ثَمَّ كانت في