للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضرورة إلى من يحميها ويصونها حال سفرها من أن يُتعدى عليها أو تفعل ما لا ينبغي، والقول باشتراط المحرم هو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وآخرين.

والقول الثاني: أنه لا يشترط المحرم، وأن المرأة يجب عليها الحج إذا وجدت رفقة من النساء الثقات، وعليهن قيّم مأمون، وهو قول مالك والشافعي وأحمد في رواية عنه وجماعة من السلف، وروي عن الشافعي: تخرج مع ثقة حرة مسلمة، وقال ابن سيرين: تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به، وقال الأوزاعي: تخرج مع قوم عدول (١).

واستدلوا بما رواه البخاري تعليقاً أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما (٢).

وروى الطحاوي وابن حزم بسنديهما عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان يسافر مع عبد الله مولياتٌ له، ليس معهن محرم (٣).

وسبب الخلاف: معارضة الأمر بالحج والسفر إليه، للنهي عن سفر المرأة إلا مع ذي محرم (٤).

والقول باشتراط المحرم هو الصواب؛ لقوة دليله، ولا سيما في زماننا هذا؛ لما تقدم، قال ابن المنذر: (ظاهر الحديث أولى، ولا يعلم مع هؤلاء حجة توجب ما قالوا) (٥). وأزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يقاس عليهن غيرهن؛ لاعتبارات عديدة.

الوجه السادس: الحديث دليل على أنه ينبغي تقديم الأهم من الأمور المتعارضة؛ لأنه لما تعارض سفر هذا الرجل في الغزو، مع الحج مع امرأته، رُجح الحج معها؛ لأن الغزو يقوم غيره في مقامه عنه، بخلاف الحج معها، والله تعالى أعلم.


(١) "الأم" (٢٩١٣)، "الإشراف" (٣/ ١٧٦)، "بداية المجتهد" (٢/ ٢٢١)، "المغني" (٥/ ٣٠ - ٣١).
(٢) "صحيح البخاري" (١٨٦٠).
(٣) "شرح معاني الآثار" (٢/ ١١٦)، "المحلى" (٧/ ٤٨).
(٤) "بداية المجتهد" (٢/ ٢٢١).
(٥) "الإشراف" (٣/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>