للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (هن لهن) أي: هذه المواقيت لهذه البلاد المذكورة، والمراد: أهل البلاد؛ لقوله في رواية: «هن لأهلهن … »، وفي رواية أخرى: «هن لهم».

قوله: (ولمن أتى عليهن من غيرهن) أي: ولمن مرَّ عليهن وليس من أهلهن فإنه يحرم منهن، ولا يكلف الذهاب إلى ميقاته الأصلي، كأن يمر المدني بقرن المنازل.

قوله: (ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ) أي: ومن كان منزله دون هذه المواقيت، بأن كان بينها وبين مكة، فميقاته من حيث أنشأ السفر أو أنشأ النية للحج أو العمرة.

قوله: (حتى أهل مكة من مكة) حتى: حرف ابتداء، وأهل مكة: مبتدأ، والخبر محذوف؛ أي: يحرمون، والجار والمجرور متعلق بالخبر، والمراد بأهل مكة: من كان فيها من ساكن وآفاقي.

الوجه الثالث: الحديث دليل على ثبوت هذه المواقيت الأربعة المكانية، فلا يحل تجاوزها بدون إحرام لمن يريد الحج أو العمرة؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى، أما الإحرام قبل الوصول إلى الميقات، فقد نقل ابن المنذر الإجماع على صحته، وروي ذلك عن علي وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وقال ابن حزم: إنه لا يجوز. وروي عن إسحاق.

واختلف القائلون بالجواز في الأفضل، وأرجح الأقوال: الإحرام من الميقات، اقتداءً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فإنه لم يحرم من المدينة، وإنما أحرم من ذي الحليفة (١).

الوجه الرابع: وتحديد هذه المواقيت من معجزات نبوته صلّى الله عليه وسلّم، فإنه حددها قبل إسلام أهلها إشارة إلى أنهم سوف يسلمون ويحجّون ويعتمرون، وهكذا كان، ثم إن تحديدها من رحمة الله تعالى بعباده ويسر شريعته حيث لم يوجد الميقات في مكان واحد يشق على الناس قصده؛ بل جعل لكل أهل جهة ميقات في طريقهم إلى مكة.


(١) "الإجماع" ص (٤٥)، "المحلى" (٧/ ٦٩)، "فتح الباري" (٣/ ٣٨٣)، "مواقيت الحج والعمرة المكانية" ص (٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>