للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: «لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا»، وهذه آخر حجة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وكانت سنة عشر من الهجرة (١)، كما سيأتي - إن شاء الله ـ.

قوله: (فمنا من أهلَّ بعمرة) أصل الإهلال: رفع الصوت، ثم أطلق على الإحرام. فمعنى (أهلّ): أحرم، وذلك لأن المحرم يرفع صوته بالتلبية إذا أحرم.

وهذا النوع الأول من أنواع النسك، وهو التمتع، ومعناه: أن يحرم من الميقات بالعمرة في أشهر الحج، فيقول: لبيك عمرة، ثم يَحِلُّ منها، ثم يُحرم بالحج في اليوم الثامن.

قوله: (ومنا من أهلَّ بحج وعمرة) هذا النسك الثاني، وهو القِران، وهو أن يحرم بالعمرة والحج معاً من الميقات، فيقول: لبيك عمرة وحجّاً.

قوله: (ومنا من أهلَّ بحج) هذا النسك الثالث وهو الإفراد، وهو أن يحرم بالحج وحده من الميقات، فيقول: لبيك حجّاً.

قوله: (وأهلَّ رسول الله بالحج) أي: أحرم بالحج، وظاهره أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم حج مفرداً، وهذا ورد - أيضاً - في حديث جابر رضي الله عنه، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما عند مسلم.

وهذا يخالف ما ثبت من أنه صلّى الله عليه وسلّم حج قارناً، حتى قال الإمام أحمد: (ومن يشك في هذا؟)، فلعل قول عائشة ومن وافقها مراد به أنه أهلّ بالحج في أول الأمر، ثم أدخل العمرة على الحج، فصار قارناً، لكن قد يشكل على ذلك ما ورد في حديث عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بوادي العقيق يقول: «أتاني الليلة آت من ربي فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرةٌ في حجة» (٢).

فهذا يدل على أنه كان قارناً من أول الأمر، وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: ( … ثم أهلّ بحج وعمرة … ) (٣).


(١) انظر: "حجة الوداع" لابن كثير ص (٧)، وهو موجود ضمن "البداية والنهاية" (٧/ ٤٠٤ إلى نهاية الجزء).
(٢) أخرجه البخاري (١٥٣٤).
(٣) أخرجه البخاري (١٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>