للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء، وإنما الخلاف في الأفضل (١)، لكن نقل الإجماع في ذلك فيه نظر، فإنه قد ثبت عن ابن عباس وطائفة من السلف وجوب التمتع في حق من لم يسق الهدي، كما سيأتي (٢)، وقد أحرم بهذه الأنساك الصحابة رضي الله عنهم بصحبة النبي صلّى الله عليه وسلّم في حجته، فأحرمت كل طائفة بنسك منها، وهذا كان في أول الأمر، ثم لما قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم مكة قال للناس: «من كان منكم أهدى فإنه لا يحل لشيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج … » (٣).

فهذا يدل على أن من أحرم بالحج من مفرد وقارن أنه يشرع له فسخ إحرامه إلى عمرة إذا لم يسق الهدي، ليصير متمتعاً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لم يختلف أحد من أهل العلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر أصحابه إذا طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، وهذا مما تواترت به الأحاديث) (٤)، وهذا محمول على الاستحباب، كما هو مذهب الإمام أحمد، وهو قول الحسن ومجاهد وداود، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية (٥)، وذهب جماعة من أهل العلم إلى وجوب الفسخ أخذاً بظاهر الأمر، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، واختاره ابن حزم، ونصره ابن القيم (٦).

وأفضل الأنساك هو التمتع في حق من لم يسق الهدي، أو يقال: بوجوبه، كما تقدم، أما من ساق الهدي فالقران في حقه أفضل؛ لأنه نسك النبي صلّى الله عليه وسلّم، وما كان الله تعالى ليختار لنبيه صلّى الله عليه وسلّم إلا الأفضل والأكمل.


(١) "التمهيد" (٨/ ٢٠٥)، "المغنى" (٥/ ٨٢).
(٢) انظر: "الفتاوى" (٢٦/ ٩٤).
(٣) أخرجه البخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٢٢٧) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.
(٤) "الفتاوى" (٢٦/ ٦١ - ٦٢).
(٥) "المغني" (٥/ ٢٥٢)، "الفتاوى" (٢٦/ ٥١ - ٥٢).
(٦) "صحيح مسلم بشرح النووي" (٨/ ٢٢٩ - ٢٣٠)، "المحلى" (١٣/ ١٧ - ١١٤، ١٢٠)، "زاد المعاد" (٢/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>