للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: استدل الفقهاء بهذا الحديث على مشروعية الاغتسال عند الإحرام، لما فيه من النظافة وتنشيط البدن.

ويستحب أن يأخذ من شعره وأظفاره، ما يحتاج إلى أخذ، وليس هذا من خصائص الإحرام، ولكنه مطلوب عند الحاجة.

وقد ذهب الجمهور إلى أن الغسل مستحب لكل من أراد الإحرام ولو كانت حائضاً أو نفساء (١)، لحديث جابر - الآتي - وفيه: حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس، فأرسلت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي، واستثفري بثوب، وأحرمي … ». ووجه الاستدلال: أنه إذا كانت النفساء مأمورة بالغسل، وهي لا تستبيح به صلاة ولا غيرها؛ لأنها غير قابلة للطهارة، فالمحرم القابل للطهارة من باب أولى.

وأخذ ابن حزم من ظاهر هذا الأمر وجوب الغسل على النفساء وحدها دون غيرها (٢)، ولهذا فهو لا يقول بوجوبه على الحائض ولا على غيرهما. والحق هو قول الجمهور، وهو استحباب الغسل مطلقاً على الرجال والنساء، لعدم الدليل على الإيجاب. وقد نقل ابن المنذر الإجماع على أن الإحرام جائز بغير اغتسال (٣).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم، وإذا أراد أن يدخل مكة) (٤). وقول الصحابي: (من السنة كذا) المراد به: سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كما في علوم الحديث.

فإن لم يغتسل توضأ، فإن لم يجد ماء، أو كان الوقت شتاء والجو بارد، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه لا يسن له أن يتيمم، لأن الغسل


(١) "المغني" (٥/ ٧٥).
(٢) "المحلى" (٧/ ٨٢).
(٣) "الإجماع" ص (٥٥).
(٤) أخرجه البزار (١/ ٤٤٤ مختصر زوائده)، وقال الحافظ في تعليقه عليه: (إسناده صحيح)، والدارقطني (٢/ ٢٢٠)، والحاكم (١/ ٦١٥)، والبيهقي (٥/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>