للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: من أجل أننا محرمون، فأخبره عن سبب الرد ليزول ما في نفسه. وقوله: «لم نرده» بفتح الدال وضمها، أما الفتح فلأنه أخف الحركات، وأما الضم فعلى إتباع حركة اللام لحركة العين، وهكذا يقال في كل مضارع مضعف مجزوم (١).

الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم أكل لحم الصيد على المحرم بحج أو عمرة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم بيَّن أن سبب رد الهدية كونهم محرمين، فدل على أن المحرم ممنوع من أكل الصيد، وبهذا الحديث استدل من قال: إن لحم الصيد يحرم على المحرم بكل حال، وهو قول علي وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وهو قول طاوس وإسحاق والثوري (٢)، وكأنهم أخذوا بحديث الصعب بن جثّامة لتأخره، ولأنه أحوط.

كما استدلوا بعموم قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦].

وذهب الجمهور إلى التفصيل - كما تقدم - وهو أنه إن صيد لأجل المحرم حَرُمَ، أخذاً بحديث الصعب بن جثّامة، فإنَّ تَرْكَ النبي صلّى الله عليه وسلّم الأكلَ مما أهدى له الصعب بن جثّامة يحتمل أن يكون لعلمه أنه صيد من أجله، ويتعين حمله على ذلك، أما إذا لم يصد من أجله ولا أعان عليه فإنه يجوز له أكله، أخذاً بحديث أبي قتادة رضي الله عنه، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم أكل من صيده.

الوجه الخامس: الحديث دليل على وجوب رد الهدية إذا كانت لا تحل للمهدى إليه، وقد بوب البخاري على هذا الحديث بقوله: «باب من لم يقبل الهدية لعلة» (٣) ولعل هذا محمول على ما إذا لم يمكن التصرف فيها على وجه يباح، مثل إهداء الحرير للرجل، فيعطيه نساءه، وقد تقدم في «اللباس» شيء من هذا.

الوجه السادس: الحديث دليل على مشروعية ذكر سبب رد الهدية على


(١) انظر: "الإعلام" (٦/ ٤١٥).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٣٣).
(٣) "فتح الباري" (٥/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>