للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذاك، وقد قال الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} فلا أُوجبُ عليه، وهذا التنزيل، ولم تثبت سنة) (١).

٢ - ما ورد في حديث رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته، وفيه: «فتوضأ كما أمرك الله جل وعز» (٢).

ووجه الدلالة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أحاله في كيفية الوضوء على الآية الكريمة، وليس فيها ذكر التسمية.

٣ - أن الصحابة رضي الله عنهم وصفوا وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم وصفاً كاملاً - كما تقدم في أحاديثهم - ولم يذكر أحد منهم أنه سَمَّى في أول وضوئه، ولو كانت التسمية واجبة لم يتركها صلّى الله عليه وسلّم.

وهذا القول هو الراجح، إن شاء الله، وهو أن التسمية سنة، تنبغي عند الوضوء وتتأكد، ولا ينبغي تعمد تركها، فإن تركها صح وضوؤه، وقد أفتى بذلك إمام السنة أحمد بن حنبل، قال أبو داود: (قلت لأحمد: التسمية في الوضوء؟ قال: (أرجو ألا يكون عليه شيء، ولا يعجبني أن يتركه خطأ ولا عمداً، وليس فيه إسناد) (٣) ـ يعني الحديث ـ.

وأما الأدلة فلا تنهض على الوجوب؛ لأن غاية ما تصل إليه أنها من قبيل الحسن لغيره، لتعاضدها واجتماعها، وقد عورضت بما هو أصح منها مما اتفق عليه الشيخان من وصف وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم، إضافة إلى دلالة الآية، والقاعدة أنه إذا تعارض الحسن والصحيح قدم الصحيح، وهذا من فوائد تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن، وهذا الجواب عن الحديث من جهة الإسناد.

أما من جهة المتن فإن قوله: (لا وضوء) محمول على نفي الكمال، لا نفي الصحة، كما تقدم، والله تعالى أعلم.


(١) "تاريخ أبي زرعة" (١/ ٦٣١).
(٢) أخرجه أبو داود (٨٦٢) والحديث في الصحيحين بدون هذه الجملة، وسيأتي الكلام عليه -إن شاء الله- في كتاب "الصلاة".
(٣) "مسائل الإمام أحمد"، رواية أبي داود ص (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>