للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقوم غيرها مقامها، وموضعها بعد النية قبل أفعال الطهارة كلها، والمطلوب الاقتصار على (باسم الله) وأما زيادة (الرحمن الرحيم) فقد قال بها جماعة من الفقهاء، والظاهر أنه استحسان، وليس عليه دليل، فالاقتصار على الوارد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أولى وأفضل.

الوجه الرابع: ظاهر الحديث وجوب التسمية في الوضوء بناء على أن الأصل في النفي الصحة لكونه أقرب إلى نفي الذات وأكثر لزوماً للحقيقة؛ أي: لا وضوء صحيح لمن لم يذكر اسم الله عليه.

وهذا قول الظاهرية، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها بعض أصحابه، وهو قول إسحاق (١)، على خلاف بينهم، هل تسقط بالنسيان أو لا؟

والقول الثاني: أن التسمية سنة، وهو قول الجمهور من أهل العلم، ومنهم الأئمة الثلاثة، ورواية عن أحمد، اختارها الخرقي، وأبو محمد ابن قدامة (١)، وجماعة من الحنابلة وذكروا أن هذا هو المذهب الذي استقر عليه قول أحمد، ورجحه ابن المنذر (٢)، وأبو عبيد، وابن حزم (٣)، وابن كثير (٤)، واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم (٥)، والشيخ عبد العزيز بن باز (٦)، واستدلوا بما يلي:

١ - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} … } الآية، ووجه الدلالة: أن الله تعالى أمر بالغسل، ولم يأمر بالتسمية، ولو كانت واجبة لأمر الله بها، كما أمر بها في الصيد في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤]، أي: على الجارح، وفي الذكاة في قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ} [الحج: ٣٦].

وقد قال أبو زرعة الدمشقي: (قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: فما وجه قوله: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه»؟! قال: فيه أحاديث ليست


(١) "المغني" (١/ ١٤٥)، "نيل الأوطار" (١/ ١٦١).
(٢) "الأوسط" (١/ ٣٦٨).
(٣) "الطهور" ص (١٤٩)، المحلى (٢/ ٤٩).
(٤) "تفسير ابن كثير" (٣/ ٤٣).
(٥) "فتاوى ابن إبراهيم" (٢/ ٣٩).
(٦) "فتاوى ابن باز" (١٠/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>