للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن كثير: (وقد روي من طرق أُخر، يشد بعضها بعضاً، فهو حديث حسن أو صحيح) (١)، وقد صرح في «تفسيره» بأنه حديث حسن (٢)، وقال ابن القيم: (أحاديث التسمية عند الوضوء أحاديث حسان) (٣).

الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (لا صلاة لمن لا وضوء له) لا: لنفي الجنس، وصلاة: اسمها وخبرها الجار والمجرور المتعلق بمحذوف، والتقدير: لا صلاة صحيحة لمن لا وضوء له؛ لأن الوضوء شرط لصحة الصلاة بإجماع المسلمين.

قوله: (ولا وضوء) لا: نافية للجنس، ووضوء: اسمها، وخبرها الجار والمجرور المتعلق بمحذوف، وتقديره: لا وضوء صحيح أو كامل، وإنما كان لنفي الكمال أو نفي الصحة؛ لأن نفي الذات متعذر، فإن من توضأ ولم يذكر اسم الله يصح أنه توضأ بالفعل؛ لأن أفعال الوضوء قد وجدت.

فعند الحنفية أن هذا النص وما ماثله يعتبر من قبيل المجمل الذي لم تتضح دلالته، لتردده بين الاحتمالين المذكورين، نفي الصحة أو نفي الكمال.

وقال الجمهور من أهل العلم: إن النفي إذا كان مسلطاً على الحقائق الشرعية؛ - لأن اللفظ جاء على لسان الشرع - فلا يعتبر مجملاً، بل يحمل على مراده؛ لأن الأصل إعمال الدليل الشرعي، والشرع ما خاطب بهذه الألفاظ إلا وهو يريد أن يرتب عليها أحكاماً.

والأصل أن النفي في نصوص الشرع مراد به نفي الصحة؛ لأنه مقدم على نفي الكمال، إلا إن وجد دليل يدل على أن المراد نفي الكمال عمل به، كما هنا؛ لأنه إن حمل على نفي الصحة عارض الأحاديث الصحيحة، كما سيأتي إن شاء الله، وإن حمل على نفي الكمال وافق الأحاديث الصحيحة، فيحمل على ذلك لتتوافق النصوص الشرعية ولا تتعارض.

قوله: (اسم الله): أي: إن التسمية على الوضوء أن يقول: بسم الله، لا


(١) "إرشاد الفقيه" (١/ ٣٦).
(٢) "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٤).
(٣) "المنار" ص (١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>