للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والضحاك بن عثمان من رجال مسلم، لكنه صدوق سيئ الحفظ، وقد خولف في إسناده، فقد رواه الطحاوي من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلاً (١). ورواه الشافعي من طريق الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلاً أيضاً، قال الدارقطني: «وهو الصحيح» (٢).

وقد ضعف الحديث الإمام أحمد، وذكر ابن التركماني أنه مضطرب سنداً، وكذلك مضطرب متناً (٣)، ففي بعض رواياته: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر أم سلمة أن توافيه صلاة الصبح بمكة، مع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلى الصبح يومئذ في المزدلفة، قال ابن القيم: (حديث منكر، أنكره الإمام أحمد وغيره … ) (٤).

وأما قول الحافظ: (وإسناده على شرط مسلم) فهذا لا يلزم منه صحة الحديث؛ لأنه لا يلزم من تخريج الإمام مسلم لهؤلاء الرواة أن يكون الخبر على شرطه؛ لأن الإمام مسلماً يروي بهذا الإسناد أحاديث لم تعلَّ بمثل هذه العلل المذكورة في هذا الإسناد، وهي الاضطراب في سنده ومتنه وترجيح إرساله، ثم إن الإمام أحمد وغيره قد أنكر هذا الحديث، فكيف يقال: إنه على شرط مسلم؟!.

الوجه الثاني: حديث ابن عباس رضي الله عنهما يدل على أن من دفع من مزدلفة بليل فإنه لا يرمي جمرة العقبة حتى تطلع الشمس، ولكن الحديث منكر لما تقدم، فلا يحتج به على ذلك، وقد ذكر الحافظ في «فتح الباري» (٥) أن للحديث طرقاً يقوي بعضها بعضاً، وأنه صححه الترمذي وابن حبان، وقال: (إنه حديث حسن)، مع أنه هنا وصفه بالانقطاع مضعفاً له، والصواب أن الحديث لا يصح، ولو فرض أنه صحيح لكان محمولاً على الأفضلية والندب (٦)، وعلى هذا فالصواب أن من دفع من مزدلفة بعد مغيب القمر من


(١) " شرح معاني الآثار" (٢/ ٢١٨).
(٢) "مسند الشافعي" (١/ ٣٧٣)، وانظر: "العلل" للدارقطني (١٥/ ٥٠ - ٥١).
(٣) "الجواهر النقي" (٥/ ١٣٢).
(٤) "زاد المعاد" (٢/ ٢٤٩).
(٥) (٣/ ٥٢٩).
(٦) انظر: "بدائع الصنائع" (٢/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>