للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الضعفة والنساء والأطفال أنه يرمي ولو قبل الصبح، لأمور ثلاثة:

الأول: أنه ورد في السنّة ما يدل على ذلك، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يقدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام، وقبل أن يدفع، فمنهم من يَقْدَمُ منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (١).

وعن عبد الله بن كيسان مولى أسماء رضي الله عنها قال: قالت لي أسماء، وهي عند دار المزدلفة: هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلَّت ساعة، ثم قالت: يا بُني هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلَّت ساعة، ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: ارحل بي، فارتحلنا حتى رمت الجمرة، ثم صلت في منزلها، فقلت لها: يا هَنتاه (٢)، ما أُرانا إلا قد غلّسنا (٣)، قالت: يا بني إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أذن للظُّعُن (٤).

الثاني: أنه لو كان رمي هؤلاء لا يجوز قبل الصبح لبيَّنه النبي صلّى الله عليه وسلّم للأمة بياناً عاماً؛ لأن هذا الوقت وقت البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلما لم يقع شيء من ذلك عُلم الجواز، وهو ما فهم عبد الله بن عمر وأسماء رضي الله عنهما.

الثالث: أن تأخير رميهم إلى ما بعد طلوع الشمس مخالف لمقتضى الرفق بهم والحرص على سلامتهم قبل حطمة الناس، والترخيص لهم في الرمي قبل الناس أهم من مجرد انصرافهم من مزدلفة بلا رمي؛ لأن المشقة في الرمي أعظم من مشقتهم في الانصراف.

الوجه الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها يدل على جواز دفع الضعفة من


(١) أخرجه البخاري (١٦٧٦)، ومسلم (١٢٩٥).
(٢) بفتح الهاء، أي: يا هذه.
(٣) أي: جئنا منى بغلس.
(٤) أخرجه البخاري (١٦٧٩)، ومسلم (١٢٩١)، والظُّعُنُ -بضم الظاء المشالة-: جمع ظعينة، وهي المرأة في الهودج، ثم أطلق على المرأة مطلقًا ولو كانت في بيتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>