للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزَّوالِ أَيَّامَ التَّشريقِ) (١).

والرَّاجح هو القول الأول، وهو أنه لا يجوز الرمي قبل الزوال؛ لقوة دليله، فإن الأحاديث - كما تقدم - صحيحة وصريحة في المراد، ثم لو كان الرمي جائزاً قبل الزوال لشرعه الله لعباده، وفعله النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه رضي الله عنهم، لكنهم لم يرموا إلا بعد الزوال، كما قال ابن عمر رضي الله عنهما، ولم يرد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أذن لأحد أن يرمي قبل الزوال، كما أذن في ترك المبيت والدفع من مزدلفة.

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: (وقد تتبعت هذا كثيراً، زمناً طويلاً، فلم أجد عن صحابي واحد ما يدل على الرمي قبل الزوال، لا من قوله ولا من فعله، كلهم يرمون بعد الزوال، كما رمى النبي عليه الصلاة والسلام)، وليس مع من أجاز الرمي قبل الزوال دليل واضح، مع مخالفته لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد قال: «لِتَأخُذُوا مَناسِكَكُم»، لكن من رمى قبل الزوال فله سلف من أهل العلم، ولا سيما من كان مضطراً إلى ذلك كموعد رحلة طائرة ونحو ذلك، وإلا فالأحوط ألا يرمي قبل الزوال؛ تأسّياً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، ووقت الرمي فيه سعة - ولله الحمد ـ، فإنه يمتد من الزوال إلى طلوع الفجر من اليوم التالي، ولا موجب للرمي قبل الزوال إلا العجلة التي عليها غالب الناس في زماننا هذا، والله المستعان.

والرمي قبل الزوال ليس علاجاً لمشكلة الزحام وتوابعه التي يعلل بها من يقول بجواز الرمي قبل الزوال؛ لأن الزمان سينتقل إلى أول وقت يجوز الرمي فيه، سواء قبل الزوال أو بعده، لكن ما فعلته الدولة - وفّقها الله - في مشروع الجمرات عالج مشكلة الزحام معالجة واضحة، وذلك بتوسعة مكان الرمي، وتنظيم الناس ذهاباً وإياباً، ومنع المفترشين، وقد رأينا في حج هذا العام (١٤٢٧ هـ) اليسر والسهولة في الرمي، مع أن المشروع لم يتم بعدُ.


(١) "أخبار مكة" (٤/ ٢٩٨ - ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>