للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه رتب مناسك يوم العيد، كما في حديث أنس (١) وغيره، وتقدم.

ويؤيد هذا الترجيح أمران:

١ - أن قولها: (طيبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحله حين أحلَّ قبل أن يطوف بالبيت) يفيد أن الحل حصل بالرمي والحلق قبل الطواف، ولولا أن الطيب بعد الرمي والحلق لما اقتصرت على الطواف، وقالت: (قبل أن يطوف بالبيت).

٢ - أنه لا معنى للطيب قبل الحلق وقضاء التفث، فلولا أنه حلق بعد أن رمى لم يتطيب، وقد بوّب البخاري على حديث عائشة رضي الله عنها بقوله: (الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة) (٢).

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فهو ضعيف لانقطاعه، لأن الحسن العرني وإن كان ثقة، إلا أنه لم يسمع من ابن عباس كما تقدم عند الحديث (٧٥٦).

ومما يؤيد أنه موقوف، استشهاد ابن عباس رضي الله عنهما بفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولو كان الحديث عنده مرفوعاً لما احتاج إلى ذلك.

وبهذا يتبين أن أدلة القائلين بأن التحلل الأول يحصل بالرمي وحده غير ناهضة؛ لأن الصريح منها غير صحيح، والصحيح يدل على خلاف ما استنبط منه (٣)، ثم إنها مخالفة لفعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم. فالأولى والأحوط ألا يتحلل إلا بعد الرمي والحلق، تأسّياً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولأن العلماء أجمعوا على أن التحلل بعد الرمي والحلق تحلل صحيح، لكن من تحلل بالرمي وحده فله سلف، لما تقدم عن عمر، وعائشة، وابن الزبير رضي الله عنهم، والله أعلم.


(١) أخرجه مسلم (١٣٠٥).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٣٩٩، ٤٠٠، ٥٨٥).
(٣) انظر: "المسائل المشكلة من مناسك الحج والعمرة" ص (٤٥). "مسألة التحلل الأول في الحج" للشيخ: فريح البهلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>