للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال رجل: والطيب؟ فقال: أما أنا فقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضمخ رأسه بالمسك، أفطيب ذلك أم لا؟ (١).

والقول الأول وجيه جداً في نظري؛ لأنه مؤيد بفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث إنه رمى، ثم نحر، ثم حلق، ولم يتحلل النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد رمي الجمرة فقط، ومن قال بذلك فقد خالف السنّة، فإن حفصة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلّوا بعمرة، ولم تحْلِلْ أنت من عمرتك؟ قال: «إني لبَّدت رأسي، وقلّدت هديي، فلا أَحِلُّ حتى أنحر» (٢).

وأما حديث عائشة المقتصر على الرمي - كما في رواية أبي داود ـ، فهو حديث ضعيف كما تقدم.

وأما حديثها الثاني: (طيبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم … وحين رمى جمرة العقبة) فهو حديث ضعيف بهذا السياق، تفرد به روح عن ابن جريج، وقد خالفه جماعة، فرووه بلفظ: (طيبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذريرة في حجة الوداع للحِلِّ والإحرام) (٣). وفي لفظ: ( … ولحله قبل أن يطوف بالبيت) وعليه فالاستدلال به على أن التحلل الأول يحصل بالرمي وحده غير مستقيم، لسببين:

الأول: تفرد روح بهذه الزيادة (وحين رمى جمرة العقبة) عن غيره من الرواة عن ابن جريج، ولذا أعرض عنها الشيخان، كما تقدم.

الثاني: حتى على القول بقبول هذه الزيادة، وأن هذا الحديث روي مطولاً، وروي مختصراً، فليس صريحاً في أن الطيب وقع بعد رمي جمرة العقبة مباشرة؛ لأنها قالت: (قبل أن يطوف بالبيت) وهذه القبلية من الظروف الواسعة، وقد فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، الرمي والنحر والحلق؛


(١) أخرجه النسائي (٥/ ٢٧٧)، وابن ماجه (٢/ ٢٤٥) من طريق الحسن العرني، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، موقوفًا.
(٢) أخرجه البخاري (١٧٢٥).
(٣) أخرجه البخاري (٥٩٣٠)، ومسلم (١١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>