للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول الثاني: أنه يجوز الرمي ليلاً، وهذا مروي عن طاوس وعروة بن الزبير والنخعي والحسن (١)، وهو قول الحنفية، وابن حزم؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقَّتَ ابتداء الرمي وأنه بعد الزوال، ولم يُوَقت انتهاءه، ويكون الرمي نهاراً عزيمة، والرمي ليلاً رخصة.

وهذا هو الراجح إن شاء الله، فإن الليل يتبع النهار في بعض المناسك مثل الوقوف بعرفة، فإن وقته يمتد إلى طلوع الفجر، ثم إن هذا القول يتمشى مع يسر الإسلام وسهولته، ولا سيما في زماننا هذا نظراً لكثرة الحجاج وما يحصل من الزحام الشديد في أثناء النهار مما يتضرر معه بعض الناس من النساء وكبار السِّن، ويؤيد ذلك ما ورد عن عبد الرحمن بن سابط قال: (كانَ أصحَابُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم يَقدمُونَ حُجَّاجاً، فَيَدَعُونَ ظَهرَهُم، فَيَجِيؤُنَ فَيَرمُونَ بِالليلِ) (٢).

وروى مالك عن أبي بكر بن نافع، عن أبيه: أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيدة نُفست بالمزدلفة، فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر، فأمرهما عبد الله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا، ولم يرَ عليهما شيئاً (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "المحلى" (٧/ ١٣٤)، "بدائع الصنائع" (٢/ ١٣٨).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ٣٠)، وإسناده حسن.
(٣) "الموطأ" (١/ ٤٠٩) وإسناده جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>