للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طواف واحد وسعي واحد، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، ومنهم: مالك والشافعي وأحمد وإسحاق (١)، ومما يدل على ذلك - أيضاً - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع … وفيه: (وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً … ) (٢). وهذا وما قبله نص صريح يدل على أن القارن يكتفي بطواف واحد لحجه وعمرته، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (لم يطفِ النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً)، وفي رواية: (طوافه الأول) (٣).

والقول الثاني: يلزم القارن طوافان: طواف لعمرته، وهو الذي بعد دخوله مكة، وطواف لحجه، وهو طواف الإفاضة، ويلزمه سعيان: أحدهما: لعمرته، والآخر: لحجته. وهذا مذهب أبي حنيفة (٤)، وهو مروي عن علي، وابن مسعود رضي الله عنهما، ومجاهد، والشعبي (٥)؛ لأن القِران ضم عبادة الحج إلى عبادة أخرى، وهي العمرة، وذلك إنما يتحقق بأداء عمل كل واحد على الكمال، فلا تداخل في العبادت، فلذا يجب طوافان وسعيان.

والصواب الأول، لقوة أدلته، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان قارناً ولم يطفْ بعد عرفة إلا طوافاً واحداً، وأما طوافه الأول حين قدم، فهو طواف قدوم، والله تعالى أعلم.

الوجه الثالث: اختلف العلماء في المتمتع: هل يكفيه سعي واحد؟ قولان:

الأول: أنه لا يكفيه؛ بل عليه سعيان؛ سعي لعمرته التي سيفرغ منها، وسعي لحجه بعد إفاضته من عرفة، وهذا مذهب الجمهور، ومنهم: مالك، والشافعي، وأحمد في أصح الروايات عنه، وهو قول ابن حزم (٦)، ودليل ذلك


(١) "المدونة" (١/ ٣١٤)، "المحلى" (٧/ ١٧٣)، "المجموع" (٨/ ٦١)، "الإنصاف" (٤/ ٤٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٥٥٦)، ومسلم (١٢١١)، وقد تقدم الكلام عليه برقم (٧٢٧).
(٣) رواه مسلم (١٢١٥).
(٤) "شرح فتح القدير" (٢/ ٥٢٥).
(٥) "حجة الوداع" لابن كثير ص (١٠٥).
(٦) "المحلى" (٧/ ١١٨)، "المغني" (٥/ ٣١٥)، "الإنصاف" (٤/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>