للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قول عائشة رضي الله عنها: (فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالَبيتِ وبَالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافاً آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِم، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافاً وَاحِداً) (١). تعني بذلك: الطواف بين الصفا والمروة على أصح الأقوال في تفسير الحديث.

وأما قول من قال: إنها أرادت طواف الإفاضة؛ فليس بصحيح؛ لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوه، ويؤيد ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما: فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «اجْعَلُوا إِهْلالَكُمْ بِالحَجِّ عُمْرَةً إِلا مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ»، فَطُفْنَا بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: «مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ»، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ المَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا، وَعَلَيْنَا الهَدْيُ … ) الحديث (٢)، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن هذا الحديث فيه علة (٣).

القول الثاني: أن المتمتع يكفيه سعي واحد، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وبه قال عطاء، وطاوس، ومجاهد، وسعيد بن جبير (٤)، وهو رواية عن الإمام أحمد، قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: (إنها أصح الروايتين) وقد اختار الشيخ هذا القول (٥)، وأَعَلَّ حديث عائشة رضي الله عنها بما عزاه للمحققين من أهل الحديث من أن قولها: (فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة .. إلخ) مدرج من كلام الزهري، فلا يعارض الحديث الصحيح (٦)، وهو ما رواه جابر رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه: (لَمْ يَطُوفُوا بَينَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ إلا طَوَافاً وَاحِداً، طَوَافهُم الأوَّل) (٧).


(١) تقدم تخريجه برقم (٧٢٧) من أحاديث "البلوغ".
(٢) رواه البخاري (١٥٧٢) تعليقًا.
(٣) "الفتاوى" (٢٦/ ٤١).
(٤) "الإشراف" (٣/ ٣٦٦).
(٥) "الفتاوى" (٢٦/ ٣٦، ٣٨، ٣٩، ١٣٨، ١٣٩)، "زاد المعاد" (٢/ ١٤٩).
(٦) انظر: "سنن أبي داود" (٢/ ١٥٣)، "الفتاوى" (٢٦/ ٤١)، "الإيماء بأطراف الموطأ" (٤/ ١١ - ١٢)، "شرح علل الترمذي" (١/ ٤٥١).
(٧) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>