للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذا نص واضح في أن المتمتع يكفيه سعي واحد؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم فيهم القَارِن وهو مَن كان معه هدي، وهؤلاء قلة (١)، وفيهم المتمتع، وهو من لم يكن معه هدي.

ومن رجح الأول قال: لا معارضة بين حديث جابر رضي الله عنه وحديثي عائشة وابن عباس رضي الله عنهم بل يجمع بينهما من وجهين:

الوجه الأول: أن يحمل حديث جابر على من ساق الهدي من الصحابة؛ لأنهم بقوا على إحرامهم مع النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى حلوا من الحج والعمرة جميعاً؛ لأنهم كانوا قارنين، والقارن يكفيه سعي واحد، ومثله المفرد.

الوجه الثاني: أن سعي المتمتع رواه ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم، وعدم سعيه رواه جابر رضي الله عنه، وما رواه اثنان أرجح مما رواه واحد، كما في مبحث الترجيح في الأصول (٢).

ومن أخذ بالقول الثاني، واقتصر في تمتعه على سعي واحد، وهو ما فعله بعد طواف العمرة، فله سلف من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومن بعدهم، وفيه تيسير على الناس، وتخفيف للزحام، فإذا طاف بالبيت بعد الإفاضة فقد تمَّ حجه، قال الإمام أحمد في المتمتع: (إن طاف طوافين فهو أجود، وإن طاف طوافاً واحداً فلا بأس) وقال: (إن طاف طوافين فهو أعجب إليَّ) (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "زاد المعاد" (٢/ ٢٧٣).
(٢) "أضواء البيان" (٥/ ١٨٤).
(٣) "المسائل" رواية ابنه عبد الله ص (٢١٩ - ٢٢٠)، وتأمل دلالة كلام الإمام أحمد عليه رحمة الله. وانظر: "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (٥/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>