للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمسجد النبوي لا لكل المدينة، لقوله: «في مسجدي هذا»، ويدخل في ذلك ما زيد فيه؛ لأن عمر رضي الله عنه زاد في المسجد من جهة القبلة أمام موقف النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا كان يصلي بأصحابه، والصحابة متوافرون، وكان عمر رضي الله عنه يصلي بالصحابة رضي الله عنهم في تلك الزيادة، ولا يُظن بهم أنهم كانوا يعتقدون أن الصلاة في غير موضعهم أفضل.

أما بالنسبة للمسجد الحرام، فقد اختلف العلماء: هل المضاعفة مختصة بالمسجد الذي يصلى فيه؟ أو أنها عامة لبيوت مكة وسائر بقاع الحرم؟ قولان:

الأول: أن المضاعفة لكل ما هو داخل حدود الحرم، وهذا أحد قولي عطاء، فقد روى البيهقي من طريق عطاء، أنه قيل له: يا أبا محمد، هذا الفضل في المسجد وحده أو في الحرم؟ قال: لا؛ بل في الحرم، فإن الحرم كله مسجد (١). وممن قال بذلك ابن حزم (٢)، وقدم الحافظ ابن حجر هذا القول (٣)، وصححه النووي، واختاره ابن القيم (٤)، والشيخ عبد العزيز بن باز.

ودليل هذا القول أن لفظ المسجد الحرام ورد في القرآن خمس عشرة مرة، وله عدة اطلاقات، وقد جاء في بعضها مراداً به الحرم كله، كقوله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة: ١٩١]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: ٢٥]، وقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: ١]، وقد ذكر ابن الجوزي: أن الإسراء كان من بيت أم هانئ عند أكثر المفسرين (٥).

كما استدلوا بحديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، وهو حديث


(١) انظر:"منسك عطاء" ص (١١٢) رقم (٥٣٢).
(٢) "المحلى" (٧/ ١٤٨).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٦٤).
(٤) "الإيضاح في مناسك الحج" ص (٤٦٤)، "زاد المعاد" (٣/ ٣٠٣).
(٥) "زاد المسير" (٧/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>