للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاشتراط ويقول: (أليس حسبكم سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إن حُبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حلَّ من كل شيء، حتى يحج عاماً قابلاً، فيهدي أو يصوم إن لم يجد هدياً) (١). ويعني بذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حج حجة الوداع واعتمر أربع مرات ولم ينقل أنه صلّى الله عليه وسلّم اشترط، ولا أمر أصحابه بذلك أمراً مطلقاً، وإنما أمر به من جاءت تستفتي؛ لأنها كانت شاكية، فخافت أن يصدها المرض عن البيت.

وأما التعليل فهو لأن الحج عبادة تجب بأصل الشرع، فلم يُفِد الاشتراط فيها، كالصوم والصلاة، وأجابوا عن حديث ضباعة بأجوبة غير ناهضة (٢)، وقد أطنب ابن حزم في الردِّ على من أنكر الاشتراط بما لا مزيد عليه (٣).

والقول الثالث: أن الاشتراط مشروع في حق من يخاف مانعاً من إتمام النسك، وأما من لا يخاف فالسنّة تركه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٤)، وهو أرجح الأقوال؛ لأنه به تجتمع الأدلة.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من اشترط عند إحرامه ثم حصل له ما يمنعه من مرض أو عدو أو ذهاب نفقة، أنه يحلل ويخرج من إحرامه، ولا يلزمه شيء لا قضاء ولا غيره.

ووجه الاستدلال من الحديث: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر ضباعة بالاشتراط، ولو لم يكن فيه فائدة لما أمرها به، ولا فائدة له إلا ما ذُكر، وقد جاء في بعض روايات حديث ابن عباس في قصة ضباعة « … فإن لكِ على ربكِ ما استثنيتِ» (٥)، وفي رواية: «فإن ذلك لكِ»، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (١٨١٠)، والترمذي (٩٤٢)، والنسائي (٥/ ١٦٩)، وأحمد (٨/ ٤٨٧).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٩).
(٣) انظر: "المحلى" (٧/ ٩٩ - ١١٣).
(٤) "الفتاوى" (٢٦/ ١٠٦).
(٥) أخرجه النسائي (٥/ ١٦٧ - ١٦٨)، والدارمي (١/ ٣٦٥)، وأبو نعيم (٩/ ٢٢٤) من طريق هلال بن خبَّاب، عن سعيد بن جبير، عن عكرمة، عن ابن عباس، به. وهذا سند حسن رجاله ثقات، رجال الصحيح، غير هلال بن خباب، فهو صدوق تغير بأخرة، كما قال في "التقريب". وله طريق أخرى عند أحمد (٥/ ٣٣٠) بسند صحيح، بلفظ: "فإن ذلكَ لكِ"، وقد صحح الألباني هاتين الزيادتين، كما في "الإرواء" =

<<  <  ج: ص:  >  >>