للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الخامس: حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على الكسب الحلال وعلو همتهم حيث لم يسألوا عن الأكثر، وإنما سألوا عن الأطيب، وهذا هو الواجب على كل مسلم يتعاطى البيع والشراء أن يكون هدفه المال الطيب الحلال فإن فيه بركة، لا أن تكون الكثرة هي همّه؛ لأنه قد لا يكون فيها بركة.

° الوجه السادس: أن عمل الرجل بيده أصل المكاسب؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدمه على البيع المبرور، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده … " (١).

وقد وقع الخلاف بين أهل العلم في أفضل المكاسب، فمنهم من فضَّل الزراعة والحراثة، ومنهم من فضل البيع والشراء، ومنهم من فضَّل الصناعات والحرف، ولكل قائل وجهة نظر، والذي يظهر -والله أعلم- أن هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز" (٢).

ويرى الشيباني في كتابه "الكسب" أنه لا داعي لهذه المفاضلة؛ لأن المجتمع بحاجة إلى جميع الحِرَف والمِهَن من زراعة ونجارة وصناعة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" (٣).

لكن إن ثبت حديث الباب فهو نص واضح في أن أفضل المكاسب عمل الرجل بيده، وأفضل المكاسب وأشرفها ما يكتسب من أموال الكفار بالجهاد، وهو مكسب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - لما فيه من إعلاء كلمة الله تعالى (٤).

° الوجه السابع: في تمجيد الإسلام للعمل والترغيب فيه إعزاز للعمال أنفسهم، وإشادة بالجهد القيم الذي يبذلونه في سبيل طلب الرزق، وإكرام أنفسهم عن ذل السؤال ومنن الرجال.


(١) أخرجه البخاري (٢٠٧٢).
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٦٤).
(٣) أخرجه البخاري (٤٨١)، ومسلم (٢٥٨٥).
(٤) انظر: "زاد المعاد" (٥/ ٧٩٢، ٧٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>