للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هو ظاهر معناه) (١)، ويؤيده ما تقدم في حديث ابن معدان رضي الله عنه: (فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة).

الوجه الثالث: استدل العلماء بهذا الحديث على وجوب استيعاب جميع أجزاء أعضاء الوضوء، وأن من ترك منها شيئاً ولو قليلاً فإن وضوءه لا يصح؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر من رأى على قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء بإحسان الوضوء وإتمامه وإسباغه، والحديث نص في القَدَمِ، ويقاس عليه غيره من الأعضاء، وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلاً لم يغسل عقبه فقال: «ويل للأعقاب من النار»، وفي لفظ: (أسبغوا الوضوء، فإن أبا القاسم قال: «ويل للأعقاب من النار») (٢).

الوجه الرابع: يستدل بالحديث على وجوب إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة، كالعجين أو الجص أو مادة صمغية كالغراء ونحوه؛ لأن الماء لا يصل لما تحتها، فيبقى غير مغسول فلا تتم الطهارة.

ويدخل في ذلك ما تفعله النساء من وضع صبغ الأظفار المسمى بالمناكير أو غيره، فإنه يمنع وصول الماء إلى البشرة.

الوجه الخامس: اختلف العلماء في وجوب الموالاة في الوضوء، والموالاة معناها: التتابع، وموالاة الوضوء: تتابعه، والمراد متابعة غسل الأعضاء بعضها إثر بعض بحيث يُغسل العضو قبل أن يجف الذي قبله في زمن معتدل، فلا اعتداد بتسارع الجفاف لشدة الحر، أو لوجود الهواء الشديد، أو لحال المحموم مع قلة الماء، ولا بتأخر الجفاف لشدة البرد.

ولا يقطع الموالاة الاشتغال في العضو الآخر بسنة كتخليل أو إزالة شيء على اليد كدهان متجمد ونحوه، أو انقطع الماء فانتقل المتوضئ من أنبوب إلى اخر، أو كون الماء لا يحصل إلا متفرقاً فكل ذلك لا يضر؛ لأنه أمر متعلق بالطهارة.


(١) "معالم السنن" (١/ ١٢٨).
(٢) أخرجه البخاري (١٦٥)، ومسلم (٢٤٢)، واللفظ الثاني للبخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>