للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فلما بلغت) أي: دخلت المدينة على هذا الجمل، بدليل الرواية المتقدمة: (أقبلنا من مكة إلى المدينة).

قوله: (أتيته بالجمل) في رواية: (فجئت إلى المسجد فوجدته، فقال: "الآن قدمت؟ " قلت: نعم … ).

قوله: (فنقدني ثمنه) قال ابن الأثير: (نقدته كذا؛ أي: أعطيته نقدًا معجلًا) (١)، وقد دلت رواية البخاري ومسلم أن الذي نقده الثمن هو بلال - رضي الله عنه -، فقد جاء في بعض الروايات: (قال لبلال: "أعطه أوقية من ذهب وزده"، فأعطاني أوقية وزادني قيراطًا … ).

قوله: (فأرسل في أثري) بفتحتين، أو بكسر فسكون؛ أي: ورائي عن قرب، والمعنى: أرسل من يطلبني ويأتي بي إليه، وقد جاء في رواية: (فانطلقت حتى وَلَّيتُ، فقال: "ادعوا لي جابرًا"، قلت: الآن يرد عليَّ الجمل، ولم يكن شيء أبغض إليَّ منه، قال: خذ جملك، ولك ثمنه) (٢)، ولعل جابرًا كره رده عليه؛ لأنه عرف أنه يمكن أن يشتري بثمنه أحسن منه ويبقى له بعض الثمن (٣).

قوله: (أتُراني) بضم التاء؛ أي: أتظنني كلمتك لأجل نقص ثمن الجمل، والاستفهام للإنكار.

قوله: (ماكستك) من المماكسة، وهي المطالبة بالنقص من الثمن، وأصلها: النقص، ومنه: مكس الظالم، وهو ما ينتقصه ويأخذه من أموال الناس، قال الفقهاء: ماكس فلان في البيع ومكس بمعنى: استنقص الثمن، وضد المماكسة: الاسترسال. وهذا إشارة إلى ما وقع بينهما من المساومة عند البيع.

قوله: (خذ جملك ودراهمك) هذا من أحسن التكرم؛ لأن الغالب أن من باع شيئًا فهو محتاج لثمنه، فإذا تعوض من الثمن بقي في قلبه من المبيع أسف على فراقه، كما قال الشاعر:


(١) "النهاية" (٥/ ١٠٣).
(٢) "البخاري" (٢٠٩٧).
(٣) "فتح الباري" (٥/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>