° الوجه الثامن: اختلف العلماء في قوله: "اشترطي لهم الولاء" حيث دل بظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن في البيع على شرط فاسد، فكيف يأذن لهم في وقوع البيع بناءً على شرط سيتم إبطاله؟. وللعلماء في الجواب عن ذلك مسلكان:
الأول: إبطال هذه اللفظة وأنها لم تثبت؛ لأنه تفرد بها مالك، عن هشام، عن عروة، بدليل أنه وقع سقوطها في كثير من الروايات، وهذا مسلك ضعيف؛ لأن الأكثرين من أهل العلم على إثبات هذه اللفظة؛ للثقة برواتها.
الثاني: أن يقال: إنهم قد علموا فساد الشرط؛ لأن المحاورة قد طالت في مسألة بريرة، فعلموا أن اشتراطهم الولاء لا يصلح إلا لمن أعتق، لكنهم أصروا على اشتراطه وأقدموا عليه، فتركهم النبي - صلى الله عليه وسلم - يشترطونه، وكأنه قال: اشترطي أو لا تشترطي فذلك لا يفيدهم؛ لأن وجوده كعدمه، ثم أعلن فساده وعدم نفوذه، وبتن ذلك للأمة بيانًا عامًّا، وهو إلغاء كل شرط خالف حكم الله وشرعه.
° الوجه التاسع: في الحديث دليل على جواز بيع التقسيط. وصورته: أن يبيع بضاعة إلى أجل، ويزيد في سعرها مقابل الأجل. وهو جائز في قول عامة أهل العلم، بل حكى الحافظ ابن حجر الإجماع على جوازه (١)، والأدلة على جوازه كثيرة، ومنها حديث الباب، وحديث السلم الآتي في بابه وغيرها، ومن جهة المعنى أن بيع التقسيط فيه مصلحة للمتعاقدين، وليس فيه ضرر.
لكن ينبغي لمن يبيع بالتقسيط أن يكون قنوعًا من ناحية الربح، فلا يزيد فيه بما يضر أخاه المسلم ويشق عليه سداده، والله تعالى أعلم.