للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى تخليصه من الرق، فيتفق السيد مع رقيقه على عوض معين يدفعه إليه، ويطلق السيد الحرية للمكاتب في الكسب، فإذا دفع العوض صار حرًّا، وهذا يدل على حرص الإسلام على العتق، وذلك بمشروعية العديد من وسائله.

° الوجه الرابع: أن الكتابة يكون دينها مؤجلًا يحل قسطًا قسطًا؛ لأن الرقيق حين عقد الكتابة لا يملك شيئًا، لكن ليس التأجيل شرطًا، فيجوز أن تكون حالَّة إذا كان المال من غير العبد، كما في هذا الحديث: (إنْ أحب أهلك أن أعدها لهم … )، وقد يحصل ذلك من العبد إذا كان قويًّا وله صنعة يستطيع بها أن يجمع الثمن في نجم واحد؛ لأن الله تعالى قال: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيرًا} [النور: ٣٣] ولم يذكر آجالًا، وإنما أمر بالكتابة.

° الوجه الخامس: الحديث دليل على جواز بيع العبد المكاتب بشرط العتق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر اشتراط العتق، وإنما أنكر اشتراط الولاء؛ لأن بريرة كانت مكاتبة، وباعها أهلها على عائشة بثمن منقود لتعتقها، وقد بوّب البخاري في كتاب "العتق" باب "بيع المكاتب إذا رضي" (١)، وإذا بيع المكاتب أدى نجوم الكتابة إلى مشتريه، فإن أدى إليه عتق، وولاؤه له، وإن عجز عاد قنًّا له.

° الوجه السادس: الحديث دليل على أن الولاء لمن أعتق الرقيق لا لمن باعه، واشتراطه من قِبَل البائع باطل، ولا يؤثر في صحة العقد، بل يبطل الشرط وحده، ويصح العقد.

° الوجه السابع: الحديث دليل على أن الشروط التي على خلاف مقتضى العقد شروط فاسدة بنفسها، غير مفسدة للعقد، وهي شروط محرمة لا يجوز اشتراطها؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أنكر على هؤلاء الذين اشترطوا شروطًا ليست من شرع الله تعالى وحكمه، قال ابن القيم: (الضابط الشرعي الذي دل عليه النص أن كل شرط خالف حكم الله وكتابه فهو باطل، وما لم يخالف حكمه فهو لازم) (٢).


(١) "فتح الباري" (٥/ ١٩٤).
(٢) "إعلام الموقعين" (٣/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>