للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولعل الحافظ أورد حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، لأنه أعم من حديث جابر - رضي الله عنه -، لأن الأول خاص بالجمل، وهذا عام في كل فحل.

° الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:

قوله: (فَضْلِ الماء) المراد به: الماء الزائد عن كفاية صاحبه، وهو الماء الذي في الفلاة، ويُحتاج إليه لرعي الكلأ.

قوله: (ضراب الجمل) بكسر الضاد المعجمة، وهو نزوه على الناقة.

قوله: (عسب الفحل) العسب: بفتح العين المهملة وسكون السين، هو ماء الفحل الذي يقذفه في رحم أنثاه، وقيل: هو طَرْقُ الفحل، أي: ضِرابه قال أهل اللغة: (عَسَبَ الفحلُ الناقةَ عَسْبًا من باب ضرب: طرقها) (١).

والقول الثاني: أن عسب الفحل: الكراء الذي يؤخذ على ضراب الفحل، يقال: (عَسَبْتُ الرجلَ عسبًا: أعطيته الكِراء على الضراب) وهذا هو الأقرب، وهو اختيار أبي عبيد (٢)؛ لأن الضراب نفسه غير منهي عنه، بل هو مطلوب لذاته لمصالح العباد، وإلا لأدى ذلك إلى انقطاع النسل، فيكون المقصود النهي عن أخذ الأجرة على ضراب الفحل.

والفحل: هو الذكر من كل حيوان، جملًا كان أو خروفًا أو تيسًا أو فرسًا أو غير ذلك.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم بيع فضل الماء، وأن الواجب بذل الزائد منه لمحتاجه، والمراد بذلك: ما كان في الفلاة من مورد ونحوه، وكذا نقع البئر والعين الجارية، ونحو ذلك مما يفضل عن حاجة الإنسان ولا يلحق في بذله أذى، أما إذا كان الماء بقدر حاجته فله منعه.

أما المياه التي حازها صاحبها في بركة أو خزان أو قربة أو إناء فهي مياه مملوكة يجوز بيعها، ولا يحل أخذها إلا بإذن صاحبها، قياسًا على جواز


(١) "المصباح المنير" ص (٤٠٨)، وانظر: "اللسان" (١/ ٥٩٧).
(٢) "غريب الحديث" (١/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>