وإما أن يكون ذكره على سبيل التمثيل، إذ لا فرق بين الجزور وغيرها من الحيوانات في ذلك.
قوله:(تُنتج الناقة) أي: تلد، وتنتج: بضم أوله وفتح ثالثه، من الأفعال الملازمة للبناء للمجهول، يقال: نُتجت الناقة، بالبناء للمجهول دائمًا، تُنْتَجُ، بمعنى: تلد ولدًا، ويعرب ما بعد الفعل فاعلًا لا نائب فاعل، وهي قاعدة الأفعال الملازمة للبناء للمجهول.
قوله:(ثم تنتج التي في بطنها) أي: تلد التي في بطن الناقة التي وقع عليها العقد، بمعنى: تعيش المولودة حتى تكبر ثم تلد.
° الوجه الثالث: الحديث دليل على النهي عن بيع حبل الحبلة، وهذا النهي للتحريم، ويفيد فساد العقد؛ لأنه على التفاسير الثلاثة الأوَلِ بيع إلى أجل مجهول؛ لأن أجل الثمن غير معلوم، والأجل له وقع في الثمن في طوله وقصره، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢] فدلت الآية على اشتراط كون الأجل معلومًا فيما كان بأجل، ولأن جهالة الأجل تفضي إلى الخصام والنزاع بين المتعاقدين، وهذا أمر لا يرضاه الإسلام.
وأما على التفسير الرابع وهو أن المراد بيع الناقة الحامل في الحال فهي جهالة المبيع؛ لأنه لا يعلم قدره ونوعه، فلا يعلم هل هو أنثى؟ وهل هو واحد أو اثنان؟ وهل هو حي أو ميت؟ وفيه -أيضًا- جهالة الأجل؛ لأنه أجل غير محدد بزمن، فقد يطول، وقد يقصر، وقد يتخلف فلا يوجد أصلًا، فأبطل الشارع ذلك لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، مع ما يصاحب ذلك من النزاع والخصام.
وهذه البيوع تدل على تساهل أهل الجاهلية، وعدم عنايتهم بضبط أمور دنياهم، والسر في ذلك -والله أعلم- أن المبيع قد لا يكون له أهمية، فلهذا لا يبالون بهذه الآجال المجهولة، وبهذا الثمن المعدوم؛ لأن المبيع إما ناقة كبيرة جدًّا أو شبه ذلك مما لا يهمهم لو تأخر الثمن أو لم يحصل، والله تعالى أعلم.