للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - أن يبيعه من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة.

٤ - أن يبيعه سلعة ويقبض على كف من حصا، ويقول: لي بكل حصاة درهم.

٥ - أن يعترض القطيع من الغنم فيأخذ حصاة، ويقول: أي شاة أصابتها فهي لك بكذا. وهذه الأربعة الأخيرة عند الفقهاء من أرباب المذاهب.

قوله: (وعن بيع الغرر) هذا من عطف العام على الخاص؛ لأن بيع الحصاة من الغرر، والإضافة فيه من إضافة الموصوت إلى صفته، أو من إضافة المصدر إلى نوعه، ليعم كل بيوع الغرر -كما سيأتي-.

والغرر: بفتحتين، هو الخطر (١)، وفي اصطلاح الفقهاء: ما كان مستور العاقبة، بمعنى أن البيع قائم على الجهل، بحيث لا تُعرف أوصافه ولا يُدرى هل يحصل أو لا؟. قال الخطابي: (أصل الغرر: هو ما طُوي عنك علمه، وخفي عليك باطنه وسِرُّه، وهو مأخوذ من قولك: طويت الثوب على غَرِّه؛ أي: على كسره الأول، وكل بيع كان المقصود منه مجهولًا غير معلوم، ومعجوزًا عنه غير مقدور عليه، فهو غرر" (٢).

والغرر قد يكون في العين، وقد يكون في الثمن، وقد يكون في الأجل، فالعين كبيع الحصاة والجمل الشارد، وبيع ما لم يتم ملك البائع عليه، وسيأتي لذلك زيادة أمثلة -إن شاء الله- في باب "من مسائل الغرر"، والثمن كان يبيع السلعة بقيمتها أو برقمها والمشتري لا يعرفه عند العقد، أو بما ينقطع به السعر، أو بما يُعطى فيها، ونحو ذلك. والأجل كأن يكون مجهولًا، مثل: إلى ميسرة أو إلى أن أبيع كذا.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على النهي عن بيع الحصاة، وفساد العقد؛ لأنه مقتضى النهي، وقد اتفق الفقهاء على العمل بموجب هذا الحديث، ولكنهم اختلفوا في تفسيره كما تقدم، وهو من بيوع الجاهلية التي نهى عنها الإسلام؛ لما فيها من الغرر والجهالة.


(١) "الصحاح" (٢/ ٧٦٨).
(٢) "معالم السنن" (٥/ ٦٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>