° الوجه الرابع: الحديث دليل على النهي عن بيع الغرر، وفساد العقد، سواء كان الغرر في العقد أو في الثمن أو في الأجل، ويدخل تحته أنواع كثيرة.
قال النووي:(النهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع، ولهذا قدمه مسلم، ويدخل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة … )(١).
والحكمة من النهي عنه حفظ أموال الناس من أن تضيع؛ لأن البيع بهذه الصفة من أكل أموال الناس بالباطل، وأيضًا قطع الخصومة والنزاع بين الناس؛ لأن بيع الغرر يؤدي إلى ذلك قطعًا.
الوجه الخامس: المراد بالغرر هنا ما كثر فيه الغرر وغلب عليه حتى صار يوصف ببيع الغرر، فهذا لا خلاف في منعه.
وأما يسير الغرر وما يُتسامح فيه عادة أو يشق الاحتراز عنه فإنه لا يؤثر في فساد العقد؛ لأنه لا يكاد يخلو منه عقد من العقود، كبيع الدار وإن لم يرَ أساسها، وبيع السيارة نظرًا لظاهرها وظاهر محركها، وبيع الشاة التي فيها لبن، ونحو ذلك مما يدخل تبعًا ولا يصح لو أُفرد، وكذا كل ما لا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة، ومثله بيع المغيبات في الأرض، كالجزر والفجل والبصل، ونحوها.
وما يقع فيه الخلاف بين الفقهاء فمرجعه إلى تقدير الغرر، فمن يجعله يسيرًا يصحح البيع، ومن يراه كثيرًا يبطل البيع، والله تعالى أعلم.