للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيوب الضرير، قال: حدثنا محمد بن سليمان الذهلي، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: قدمت مكة فوجدت بها أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة، فقلت: ما تقول في رجل باع بيعًا وشرط شرطًا؟ قال: البيع باطل، والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى، فسألته، فقال: البيع جائز، والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة، فسألته فقال: البيع جائز، والشرط جائز، فقلت: يا سبحان الله! ثلاثة من فقهاء العراق اختلفتم عليَّ في مسألة واحدة! فأتيت أبا حنيفة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع وشرط، البيع باطل، والشرط باطل … وساق تمام الحديث.

وهذا إسناد واهٍ؛ لأن فيه عبد الله بن أيوب الضرير القِربي، قال عنه الدارقطني: (متروك) (١)، وشيخه محمد بن سليمان الذهلي، قال عنه الألباني: (لم أعرفه). ومحل الشاهد الذي ساقه الحافظ فيه أبو حنيفة، وهو ضعيف في الحديث، ضعّفه كبار الأئمة، كالإمام مسلم والإمام أحمد وعبد الله بن المبارك والنسائي والدارقطني وغيرهم، وذلك لسوء حفظه. قال ابن حبان: (كان رجلًا جَدِلًا، ظاهر الورع، لم يكن الحديث صناعته، حدَّث بمائة وثلاثين حديثًا مسانيد، ما له في الدنيا غيرها، أخطأ في مائة وعشرين حديثًا، إما أن يكون أقلب إسناده، أو غيَّر متنه من حيث لا يعلم، فلما غلب خطؤه على صوابه استحق ترك الاحتجاج به في الأخبار) (٢). فهو رحمه الله وإن كان فقيهًا ورعًا زاهدًا، لكن ليس من شأنه الرواية وضبط الأخبار، بل كان شغله في الفقه والعبادة، ثم إن هذا الحديث في لفظه نكارة، فإن قوله: (نهى عن بيع وشرط) مخالف لحديث جابر - رضي الله عنه - المتفق عليه- وتقدم-، ثم هو مخالف لحديث: "ولا شرطان في بيع"، ومخالف للإجماع، كما ذكر شيخ الإسلام ابن (٣) تيمية، وابن القيم (٤).

° الوجه الثاني: الحديث دليل على أنه لا يجوز الجمع بين سلف وبيع،


(١) "ميزان الاعتدال" (٢/ ٣٩٤).
(٢) "المجروحين" (٢/ ٤٠٦).
(٣) "الفتاوى" (٢٩/ ١٣٢).
(٤) "إعلام الموقعين" (٤/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>