للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمراد بالسلف: القرض (١)، كأن يقول: أبيعك هذه السيارة على أن تقرضني كذا، وقد فسره الإمام مالك بهذا المعنى (٢)، أو أقرضك كذا على أن تبيعني سيارتك، فهذا لا يجوز، وقد حكى ابن عبد البر وابن هبيرة وابن رشد اتفاق العلماء على ذلك (٣). وقال ابن قدامة: (لا أعلم فيه خلافًا) (٤).

ووجه المنع أن البيع صار وسيلة للقرض، فيكون قرضًا جرَّ منفعة؛ لأنه لم يقرضه إلا من أجل هذا البيع، والقرض يجب أن يكون إرفاقًا محضًا، لا يقصد به حاجة أخرى.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه لا يجوز الجمع بين شرطين في عقد البيع، وقد اختلف العلماء في تفسير ذلك، فمن أهل العلم من حمله على ظاهره، وفسره بأن يشترط المشتري على البائع شرطين، كأن يشتري الحطب ويشترط على البائع حمله إلى منزله وتكسيره، أو يشتري الثوب ويشترط تفصيله وخياطته، ونحو ذلك، فهذا لا يصح، وقد عزا هذا التفسير ابن المنذر إلى الإمام أحمد وإسحاق (٥)، ونقل ابن قدامة عن أحمد أنه قال: (الشرط الواحد لا بأس به، إنما نُهي عن الشرطين) (٦). واختار هذا الشيخ عبد العزيز بن باز، ووجه النهي: أن اشتراط شرطين يفضي إلى النزاع، بخلاف اشتراط شرط واحد فإن الحاجة تدعو إليه، وليس سببًا للنزاع.

والقول الثاني: أن المراد بالشرطين: أن يقول البائع: خذ هذه السلعة بعشرة نقدًا وآخذها منك بعشرين نسيئة، وهي مسألة العِينة. وهذا قول ابن القيم معلِّلًا لذلك: بأن الشرط يطلق على العقد نفسه؛ لأنهما تشارطا على الوفاء به، فهو مشروط.

وَرَدَّ التفسير الأول بأنه بعيد عن مقصود الحديث؛ لأن اشتراط منفعة


(١) "شرح السنة" للبغوي (٨/ ١٤٥).
(٢) "الموطأ" (٢/ ٦٥٧).
(٣) "التمهيد" (٢٤/ ٣٨٥)، "الإفصاح" (١/ ٣٦٠)، "بداية المجتهد" (٣/ ٣١٢).
(٤) "المغني" (٦/ ٣٣٤).
(٥) "تهذيب مختصر السنن" (٥/ ١٤٤).
(٦) "المغني" (٦/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>