للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البائع في البيع إن كان فاسدًا فسد الشرط والشرطان، وإن كان صحيحًا فأي فرق بين شرط أو شرطين أو أكثر؟!.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يربح في شيء لم يقبضه، وهو أن يبيع السلعة المشتراة قبل قبضها من البائع ويربح فيها، وذلك لأن السلعة قبل قبضها ليست من ضمان المشتري، وإنما هي من ضمان البائع، فلو تلفت تلفت من ماله، فإذا باعها قبل قبضها فقد ربح في سلعة ليس عليه ضمانها لو تلفت، وهذا لا يجوز، وهذا معنى الحديث الآخر: "الخراج بالضمان"، ومعناه: أن الفائدة التي تحصل من العين المبيعة مستحقة لمن تقع العين في ضمانه، وسيأتي -إن شاء الله- الكلام على هذا الحديث في موضعه.

• الوجه الخامس: الحديث دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يبيع ما ليس عنده؛ أي: ما ليس في ملكه وتحت تصرفه، وذلك بأن يبيع ما لا يملكه وقت العقد، على أن يمضي إلى السوق فيشتريه ويسلمه للمشتري، وقد دل على ذلك حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق، ثم أبيعه؟ قال: (لا تبع ما ليس عندك) (١). قال ابن قدامة: (ولا نعلم فيه خلافًا) (٢).

وذكر الشيخ عبد العزيز بن باز أنه يدخل في الحديث ما لو باع أعيانًا اشتراها وهي في ذمم الناس، فليس له بيعها حتى يقبضها؛ لأنه يشملها قوله: "لا تبع ما ليس عندك"، وقد ذكر ذلك من قَبْلُ شيخ الإسلام ابن تيمية، وعلى هذا فمعنى: "ما ليس عندك" ما ليس في ملكك، وما ليس تحت يدك (٣).

وعلة المنع هي الغرر الناشيء عن عدم القدرة على تسليم المبيع وقت العقد، وما يترتب على ذلك من النزاع، فإن البائع قد لا يجد المبيع في


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٠٣)، والنسائي (٧/ ٢٨٩)، والترمذي (١٢٣٢)، وأحمد (٢٤/ ٢٥، ٢٦)، وهو حديث صحيح بطرقه.
(٢) "المغني" (٦/ ٢٩٦).
(٣) "الفتاوى" (٢٩/ ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>