للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر الفقهاء من صور النجش أن يمدح الإنسان السلعة ويطلبها بثمن ثم لا يشتري بنفسه ولكن ليسمع غيره، فيزيد في ثمنها.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم النجش، للنهي عنه، وهو عند الإطلاق للتحريم، وقد ورد -أيضًا- في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "ولا تناجشوا" (١). قال ابن بطال: (أجمع العلماء على أن الناجش عاصٍ بفعله) (٢). لما في النجش من الغش والغبن والخديعة لمن يرغب في شراء السلعة؛ لأنه يرى من يزايد في السلعة فيندفع معهم إلى المزايدة حتى يقف عليه السوم بابتعادهم، فيقع عليه البيع بثمن مرتفع ليس قيمة للسلعة في واقع الأمر. والواجب النصح للمسلم وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، والله المستعان.

لكن إن وقع النجش من غير مواطأة مع البائع فإن الإثم على الناجش وحده، وإن كان بمواطأة كان الإثم عليهما.

° الوجه الرابع: اتفق العلماء على تحريم النجش إذا كانت الزيادة فوق ثمن المثل لظهور الخديعة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "المكر والخديعة في النار" (٣).

أما الزيادة لتصل السلعة إلى ثمن مثلها، ففيها قولان:

القول الأول: التحريم وأن النجش حكمه واحد، سواء أراد رفع ثمن السلعة أو نقصها أو الوصول بها إلى ثمن نظائرها. وهو قول بعض المالكية وبعض الشافعية (٤)، واستدلوا بحديث الباب.

والقول الثاني: الجواز، بل قال بعضهم: إنه مأجور ومثاب على فعله


(١) أخرجه البخاري (٢١٥٠)، ومسلم (١٥١٥).
(٢) "شرح ابن بطال على صحيح البخاري" (٦/ ٢٧٠).
(٣) أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٢/ ١٦٢)، من طريق جراح بن مليح: ثنا أبو رافع، عن قيس بن سعد - رضي الله عنه -، به مرفوعًا، وإسناده لا بأس به، وللحديث طرق تدل بمجموعها على أن له أصلًا، وقد علقه البخاري بصيغة الجزم بلفظ: "الخديعة في النار". انظر: "فتح الباري" (٤/ ٣٥٥، ٣٥٦)، و"الصحيحة" للألباني (١٠٥٧).
(٤) "حاشية الدسوقي" (٣/ ٦٨)، "مغني المحتاج" (٢/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>