للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا، وبه قال الحنفية، وأكثر المالكية، وبعض الشافعية (١)، واستدلوا بحديث: "الدين النصيحة" (٢)، والناجش في هذه الحالة إنما أراد نصح أخيه المسلم ونفعه من غير إضرار بغيره.

والقول الأول أرجح لقوة دليله، وأما الاستدلال بالحديث فهو مردود لأمرين:

الأول: أن النصيحة إنما تطلب إذا كانت محققة للمصلحة ولا مضرة فيها على آخر.

الثاني: أنه قد يحصل من إسدائها إيهام الغير بأن الناجش يريد الشراء، وليس الأمر كذلك، وإنما يريد رفع السلعة على من يريد شراءها.

° الوجه الخامس: اختلف العلماء في أثر النجش على العقد على ثلاثة أقوال:

الأول: أن البيع فاسد، وإليه ذهب من التابعين عمر بن عبد العزيز، وهو مذهب الظاهرية، ورواية عن مالك، ورواية عن أحمد (٣)، ودليلهم نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجش، والنهي يقتضي الفساد، ونوقش ذلك بأن النهي لا يعود إلى ذات البيع ولا إلى شرطه، بل إلى أمر خارج عنه، وهو النجش، وهذا لا يقتضي الفساد، كالتصرية، والبيع مع الغش ونحوهما.

والقول الثاني: أن العقد صحيح، ولا خيار للمشتري؛ لأن البيع قد تم بأركانه وشروطه، فلم يرجع إليه النجش، وإنما عاد إلى الناجش، وما حصل فهو تفريط من المشتري حيث لم يتأمل ولم يراجع أهل الخبرة، وهذا مذهب الحنفية، والأصح عن الشافعية (٤).

وهذا مردود بأن استشارة أهل الخبرة في كل سلعة أمر بالغ الصعوبة لا


(١) "فتح القدير" (٥/ ٢٣٩)، "حاشية الصاوي" (٣/ ١٠٦)، "فتح الباري" (٤/ ٣٥٦).
(٢) رواه مسلم (٥٥).
(٣) "المغني" (٦/ ٣٠٥).
(٤) "فتح القدير" (٥/ ٢٣٩)، "المهذب" (١/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>