للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث ورد عن جابر - رضي الله عنه - من غير هذا الطريق، ومن حديث أنس وأبي هريرة - رضي الله عنه - وغيرهما، في "الصحيحين" أو في أحدهما، دون ذكر الثنيا.

وأما حديث أنس - رضي الله عنه -، فقد أخرجه البخاري في كتاب "البيوع، بابٌ "في بيع المخاضرة" (٢٢٠٧) من طريق عمر بن يونس، قال: حدثنا أبي (١)، قال: حدثني إسحاق بن أبي طلحة الأنصاري، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، به مرفوعًا.

° الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:

قوله: (نهى عن المحاقلة) بالحاء المهملة والقاف، مأخوذة من الحقل، وهو الزرع وموضعه، والمراد بها هنا: بيع الحنطة بسنبلها، بحنطة صافية من التبن، وقد ورد هذا التفسير عن أبي عبيد القاسم بن سلّام (٢).

قوله: (والمزابنة) بضم الميم، مأخوذة من الزبن، وهو الدفع الشديد، والمراد بها: أن يبيع الرجل ثمر حائطه إن كان نخلًا بتمر كيلًا، وإن كان عنبًا بزبيب كيلًا، وإن كان زرعًا بطعام كيلًا، سميت بذلك كأن كل واحد من المتعاقدين يزبن صاحبه عن حقه بما يزداد منه؛ أي: يدفعه.

وهذا التفسير ورد في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، وسيأتي الكلام عليه في باب "الربا" إن شاء الله، وأكثر الأحاديث قصرت تفسير المزابنة على النخل، وبعضها على النخل والكرم، وهذا أعم منها حيث جعلها في النخل والكرم والزرع، ولا منافاة؛ لأن عادة السلف أنهم يفسرون الشيء بمثاله، ولا يريدون به الحصر، ومن الفقهاء من وقف عند هذه التفاسير الواردة في الأحاديث؛ لأنها إن كانت من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا معدل عنها، وإن كانت من الصحابي فهو أعلم بما رواه، ومنهم من توسع في تفسيرها وهم المالكية، فقد فسَّرها


(١) هو يونس بن القاسم اليمامي من بني حنيفة، وثقه يحيى بن معين وغيره، وهو قليل الحديث، ليس له في البخاري إلا هذا الحديث [فتح الباري" (٤/ ٤٠٤)].
(٢) "غريب الحديث" (١/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>