للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوقع في ربا الفضل؛ لأن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل في الحكمَ.

° الوجه الخامس: الحديث دليل على النهي عن المزابنة التي هي بيع المعلوم بالمجهول من جنسه، كأن يبيع ثمر نخله بتمر كيلًا، أو يبيع العنب بزبيب كيلًا، أو يبيع زرعه بكيل طعام من جنسه، ووجه النهي في الربويات كالتمر والحنطة الغرر والتفاضل؛ لأن فيها الجهل بتساوي العوضين، وهذا يفضي إلى الربا لما تقدم، وأما في غير الربويات فلما فيها من الغرر الناشئ عن عدم تحقق قدر المبيع.

° الوجه السادس: الحديث دليل على النهي عن المخابرة، والمراد بها المزارعة القائمة على تحديد جانب معين من الزرع لصاحب الأرض وللمزارع جانب آخر، ووجه النهي هو الجهالة والغرر والمخاطرة، فإن هذا من أبواب الميسر، إذ لا يعلم عاقبة الأمر، فربما صلح هذا الجانب وتلف الآخر.

فإن كان لصاحب الأرض جزء مشاع معلوم كالنصف -مثلًا- جاز ليشتركا في الغنم والغرم ويسلما من الجهالة، وسيأتي لذلك مزيد بيان -إن شاء الله- في باب "المساقاة".

° الوجه السابع: الحديث دليل على أنه لا يجوز استثناء شيء من المبيع إلا إذا عين، فلا يقول: أبيعك هذا القطيع من الغنم إلا عشرًا، وهي غير معينة، فإذا عينها بوصف أو إشارة ونحو ذلك جاز؛ لأن عدم التعيين نوع من الغرر، لجهالة المستثنى، وهذا يفضي إلى النزاع للتفاوت بين شاة وأخرى.

° الوجه الثامن: حديث أنس - رضي الله عنه - دليل على النهي عن المخاضرة، وهي بيع الزرع الأخضر والثمر الأخضر؛ لأنه إذا باعه على شرط البقاء فهو عرضة للآفات، فيكون وجه النهي ما فيه من الغرر والخطر، ولهذا جاء النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، كما سيأتي إن شاء الله. أما إذا باعه بشرط حصاده في الحال فلا بأس إذا كان ينتفع به علفًا للبهائم.

° الوجه التاسع: في الحديث دليل على النهي عن بيع الملامسة والمنابذة، لما فيهما من الجهالة المفضية إلى الخصام، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>