للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثمار قبل أن تطعم، وبيع الزرع قبل أن يشتد ويفرك منه) (١).

قوله: (والملامسة) هي المبايعة بمجرد اللمس، كلمس الرجل ثوب الآخر؛ لأن المفاعلة هي المشاركة بين اثنين في الفعل، فيقول: إذا لمست ثوبي ولمست ثوبك فقد وجب البيع بغير تأمل، وهذا التفسير ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم (٢)، والنسائي (٣).

وفسرت -أيضًا- بأن يقول البائع: أيّ ثوب لمسته فهو لك بكذا، وهذا التفسير يوافق ما في حديث أبي سعيد عند النسائي (٤).

ولها تفاسير أخرى كلها تجتمع في أن المبيع غير معلوم للمشتري، وأن اللمس قد جعل أمارة على انعقاد البيع، فهو داخل في الغرر المنهي عنه، وإنما خُصَّت بالذكر؛ لأنه من بيوع الجاهلية المشهورة.

قوله: (والمنابذة) هي مفاعلة من النبذ، وتستدعي الفعل بين اثنين، ومعناها: أن ينبذ كل واحد من المتبايعين ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه، وقد ورد هذا التفسير في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم، وفي حديث أبي سعيد عند النسائي. وفسرت -أيضًا- بأن يقول البائع: أي ثوب نبذته إليك فهو لك بكذا.

° الوجه الثالث: في هذين الحديثين سبع صور من صور المعاملات الجاهلية، ذكر هذا علماء الحديث والفقه (٥)، فجاء الإسلام وأبطلها؛ لأنها مبنية على الغرر والجهالة والمخاطرة، وكل هذا يفضي إلى النزاع.

° الوجه الرابع: في الحديث الأول دليل على النهي عن المحاقلة، وهي بيع الحنطة بسنبلها بحنطة، ووجه النهي عنها أنها جمعت محذورين: الجهالة، والربا؛ أما الجهالة فلأن الحب في سنبله مستور بأوراقه وتبنه، فهو مجهول لا يعرف مقداره، ولا تعرف جودته ورداءته، وأما الربا فلأن الجهل بأحد العوضين


(١) "فتح الباري" (٤/ ٤٠٤).
(٢) "صحيح مسلم" (١٥١١) (٢).
(٣) "السنن" (٧/ ٢٦٠).
(٤) "سنن النسائي" (٧/ ٢٦١).
(٥) انظر: "جامع الترمذي" (٣/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>