للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يمكن أن يكون ذلك لمنفعة البائع؛ لأنه إذا هبط السوق عرف السعر، ولا مانع من الجمع بين العلتين، كما يقول الشوكاني (١).

° الوجه السادس: اختلف العلماء في حكم شراء متلقي الركبان على قولين:

الأول: أن البيع مردود؛ لأنه بيع منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد مطلقًا، وقد جزم بذلك البخاري، فقال: (باب النهي عن تلقي الركبان، وأن بيعه مردود؛ لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالمًا، وهو خداع في البيع، والخداع لا يجوز)، وذكره ابن قدامة رواية عن أحمد (٢). ونسبه الشوكاني إلى بعض المالكية وبعض الحنابلة، قال الصنعاني: (وهو الأقرب).

والقول الثاني: أن البيع صحيح وللبائع الخيار، وهو مذهب الأئمة الثلاثة، ومال إليه الحافظ، واختاره الشوكاني، واستدلوا بدليلين:

الأول: حديث أبي هريرة المذكور، فإنه يدل على انعقاد البيع وصحته، ولو كان فاسدًا لم يجعل للبائع الخيار.

الثاني: أن النهي في حديث الباب لا يعود إلى ذات العقد ولا إلى شرطه، وإنما يعود إلى أمر خارج عن المنهي عنه، وهو الإضرار بالركبان، وهذا لا يقتضي الفساد.

وهذا القول وجيه -في نظري- فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تلقوا"، ولم يقل: لا تشتروا، ثم إن الحديث الذي أثبت الخيار واضح الدلالة على المراد.

° الوجه السابع: لا نزاع في ثبوت الخيار للبائع مع الغبن، حكى ذلك ابن القيم (٣). وأما ثبوته بلا غبن بأن يشتري منه بمثل سعر البلد أو أكثر، ففيه روايتان عن أحمد:


(١) "نيل الأوطار" (٥/ ١٨٩).
(٢) "المغني" (٦/ ٣١٣)، "سبل السلام" (٥/ ٦٢)، "نيل الأوطار" (٥/ ١٨٨).
(٣) "الطرق الحكمية" ص (٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>