للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأولى: أنه يثبت، وهو قول الشافعي، واختاره الشوكاني (١). لظاهر قوله: "فإذا أتى صيده السوق فهو بالخيار"، فأطلق له - صلى الله عليه وسلم - الخيار ولم يقيده.

الثانية: أنه لا يثبت له الخيار، وهو وجه للشافعية، وقول الحنفية، نظرًا لانتفاء المعنى، وهو الغرر والضرر.

وهذا القول له وجه إذ لا حاجة إلى الخيار ما دام أنه ليس فيه غبن، لكن القول الأول أظهر، وهو أن له الخيار مطلقًا غبن أو لم يغبن، لإطلاق الحديث، ولأمور ثلاثة:

١ - قطع النزاع، فإن الغبن قد يختلف الناس فيه، فهذا يقول: مغبون، وهذا يقول: غير مغبون.

٢ - أنه أطيب لقلبه.

٣ - تعزير المتلقي وتأديبه حتى لا يعود لمثل ذلك.

° الوجه الثامن: الحديث دليل على نهي بيع الحاضر للبادي، وصورة ذلك أن يأتي إلى البلد من يريد بيع سلعته فيتولى بيعها له أحد المقيمين في البلد، وعموم الحديث يدل على أنه لا فرق بين أن يكون البادي قريبًا للحاضر أو أجنبيًّا، وسواء كانت السلعة يحتاجها أهل البلد أم لا، وقد ورد عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: (نهينا أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه أو أباه) (٢).

ولعل الحكمة في ذلك -والله أعلم- خشية إغلاء السلعة على المقيمين إذا باعها عليهم أحد منهم؛ لأنه لا يبيعها إلا بسعر البلد، بخلاف ما إذا باعها البادي فإنه ربما يبيعها برخص، وهو الغالب، فتحصل التوسعة على الناس، فترخص الأسعار، وتتوفر الخيرات، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: "لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض" (٣).

° الوجه التاسع: استدل بهذا الحديث من قال ببطلان بيع الحاضر


(١) "نيل الأوطار" (٥/ ١٨٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٥٢٣).
(٣) أخرجه مسلم (١٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>